حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: الفساد الاقتصادي: ابن غير شرعي لزواج عرفي بين المال و السياسة الإثنين ديسمبر 28, 2009 7:56 pm | |
| بقلم الدكتور : عبد اللطيف بلغرسة الفساد الاقتصادي: ابن غير شرعي لزواج عرفي بين المال و السياسة - انتخابات مجلس الأمة نموذجا- قبل ساعات معدودات من انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة في الجزائر في نهاية السنة الموشكة على الانتهاء 2009 ، تراوحت أصوات المنتخبين الناخبين في بورصة شراء الذمم السياسية من 50 إلى 100 مليون سنتيم ، و برز حزب المال السياسي (الشكارة) كأحد أكبر المنافسين للفوز بأغلبية المقاعد ، و هذا بكل ما يحمله اسم "الكيس الأسود" من دلالات رمزية ، فهي سوداء لتدل على أن أصحابها هم قادة السوق السوداء في الجزائر و الذين يعملون على نسف جميع الجهود الرامية إلى إصلاح الاقتصاد الوطني، و صاحب الشكارة ينتمي إلى فئة الأثرياء الجدد الذين يلجون عالم السياسة بممارسات أقل مـا توصف بـه أنهـا مستقاة مـن منطـق الغابـة الاقتصاديـة و فوضى السوق التجارية و عقلية البارونات المافيوية.
وعليه فلا يتنبأ المتتبع لنتيجة الانتخابات القادمة إلا بتنامي ظاهرة الفســـــــاد السياسي و استشرائه في مفاصل المؤسسات شبه الرسمية إذا حصل أصحاب المال السياسي على مقاعد في مجلس الأمة و مكنهم من ذلك بائعو الذمم السياسية من المنتخبين الناخبين أصحاب النفوس الضعيفـــــــة و المصالح الدنيوية و المبادئ المزيفة ، فتحول هؤلاء الفاسدون المفسدون إلى مشرعين للحياة الاقتصادية ومنظمين للنشاط الاقتصادي بما يخدم مصالحهــــــــــم و مصالح من تحالف معهم ، بعدما كانوا يعرقلون كل قانون و تشريع يصب في خانة حماية الاقتصاد الوطني، و بالتالي كسبوا شوطا جديدا في مسيرتهم نحو تمييع الاقتصاد الوطني و تحويله إلى اقتصاد استهلاكي كمالي لا يقوم على الصناعــــــة و الزراعة و المعرفة و إنما على الاستيراد للكماليات و التصدير للأولويات وهو المجال الخصب لظهور وانتشار وعموم الفساد الاقتصادي و الذي يعتبر الابن غير الشرعي نتيجة لزواج عرفي بين المال المسيّس و السياسة غير المتراضية .
لا يمكن لنا حصر آثار الفساد الاقتصادي في هذه الأسطر القليلة و لا يمكن إعطاء التحليل العلمي حقه حول هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر جسد الاقتصاد الوطني ، لكن يجدر بنا الإشارة إلى نتيجة هذا الزواج السري بين أصحاب المال السياسي و ممارسي السياسة المسالمة ، وهذا على اعتبار أن قضية العلاقة بين المبادئ الأخلاقية والممارسة السياسة تعد من أقدم المسائل الفلسفية المطروحة في مجال العلوم السياسية في مختلف بلدان العالم، المتطورة والمتخلفة منها، حيث أن هذه القضية بالذات يجب أن تدان وتناقش بقوة، في الوقت الحاضر، أكثر من أي وقت مضى، في الجزائر و في غيرها من بلدان العالم العربي و الغربي، النامي منـه والمتطور، وذلك في ظل إنحطاط القيم الأخلاقية لبعض ممارسي السياسة الخبيثة والهادفين إلى تحقيق مآرب دنيوية زائلة على حساب الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطن مما يؤدي إلى جعل هدف رفاهية المواطن الاقتصادية يذوب في معركة المبادئ والمصالح من خلال ثنائية الزواج الشرعي بين المبادئ الواضحة و السياسة الراشدة والذي ينتج عنه ابن شرعي يسمى بالصلاح والذي يعمل على الإصلاح و الزواج العرفي بين المال المنهوب و السياسة المسلوبة و الذي ينجب ابنا غير شرعي يسمى بالفساد و حرفه الإفساد. لكننا سوف نعدد نتائج فوز الزواج العرفي بين المال المنهوب و السياسة المسلوبة على الزواج الشرعي بين المبادئ الأخلاقية و السياسة النظيفة في ما يلي:
1- نسف جميع جهود الإصلاح والإنعاش والنهوض بالاقتصاد الوطني و التي بذلت سلفا و ما تطلبته من وقت ثمين و ميزانية باهظة. 2- الرجوع إلى الوراء في المسار الديمقراطي الحر و الشفاف و التعددي. 3- تراجع أهل الكفاءة والخبرة والصلاح وهجرتهم للعمل السياسي أو هجرتهم للوطن و تقدم أهل المال المنهوب أو من تحالف معهم من عديمي الكفاءة 4- زيادة هوة اللاثقة بين المواطن و الناخب و الأحزاب السياسية و السلطة. 5- تثبيت دعائم العوامل المشجعة على التمرد و الإرهاب و الحرقة و الهجرة
ولن يدفعنا التحليل في هذا المقال إلى القول أن هذه الظاهرة هي جزائرية صرفة ، بل هي عالمية من حيث الامتداد و قديمة من حيث الزمن ، إلا أن الخطر في رأينا هو أن الأحزاب – في السلطة و في المعارضة- ظلت تشخص هذه الظاهرة الخطيرة و المستفحلة مع الزمن، و قدمت بعضها حلولا عملية للقضاء عليها أو للحد من آثارها السلبية، لكن لا حياة لمن تنادي، و هو ما يدفعنا إلى التساؤل عن من هو المستفيد من هذا الوضع ؟ و من المخطط لهذه الظاهرة ؟ و هل هذا الزواج غير الشرعي تم بوجود و بأمر و بمباركة مأذون غير شرعي؟؟؟ و هل هذا الابن غير الشرعي يحضى برعاية أسرة غير شرعية؟؟؟، ومن هم أفراد هذه الأسرة غير الشرعية إن كان الجواب على السؤال الأخير هو نعم؟؟؟ إن الإجابة الصحيحة و الصريحة على هذه الأسئلة يمثل في رأينا البداية الصحيحة لمحاربة هذه الظاهرة حيث أن جميع الإجراءات القانونيـــــة والنصوص التنظيمية والخطب السياسية تبقى ناقصة بدون الإجابة عن تلك الأسئلة ، فضلا عن ضرورة تبني الإجراءات التالية و التي لن تطبق عاجلا نهاية السنة الجارية لكن نحسب أن تطبيقها سيمثل صمام الأمان بالنسبة للانتخابات التشريعية القادمة، والتي تمثل انتخابات مصيرية بالنسبة للجزائر من ناحية المنطق التاريخي – مرور 50سنة عن الاستقلال- ومن ناحية المنطق الجغرافي – تزامنها مع مواعيد سياسية هامة في المنطقة- ومن ناحية المنطق الاجتماعي– تداول أم تدوير السلطة بين الجيلين- و من ناحية المنطق الاقتصادي – مرور20سنة عن الإصلاحات الاقتصادية الكبرى بكل فروعها المالية و المصرفية و الصناعية و الزراعية و غيرها-، و من ناحية المنطق الأمني – حالة الطوارئ ونهاية الإرهاب- ( و هي الانتخابات التي سوف نعود إليها في مقالات تحليلية لاحقة إن شاء الله) ، هذه الإجراءات الكفيلة بمحاربة الفساد و معالجة أسبابه و محو آثاره تتمثل في ما يلي:
1- إعتراف السلطة و الطبقة السياسة و المجتمع المدني بوجود هذه الظاهـرة وأنها ليست معزولة بل هي منظمة و مخطط لها و مبرمج لحلقاتها و مسير لفصولها. 2- إعادة النظر في قانون الانتخابات خاصة في ما يخص قوائم الأحرار. 3- منع ظاهرة التجوال الحزبي المبنية على المزاج السياسي و الطمع المادي. 4- تطهير الأحزاب لقوائمها من أصحاب المال السياسي أو على الأقل تأخيرهم إلى الصفوف الخلفية و تقديم أصحاب الكفاءة و النزاهة. 5- رفع الإعانة المالية للأحزاب لكي لا تضطر للخضوع لرشاوى وإغراءات أصحاب المال السياسي وجماعات المصالح. 6- لعب السلطة القضائية دورها الدستوري في قطع الطريق أمام هؤلاء حتى لا يتمكنوا من اعتلاء المنابر السياسية و المواقع التشريعية . 7- مقاطعة المواطنين و المجتمع المدني لهؤلاء بعدم الانتخاب عليهم تأديبا لهم و إرجاعهم لجادة الصواب و تعريفهم بحجمهم الحقيقي.
و يبقى في الأخير التنبيه إلى أن عدم الاهتمام بهذه الظاهرة علاجـــا و محاربة سوف يؤدي إلى تمكنها من التحكم في المفاصل السياسية للدولة كما تمكنت - أو كادت- من التحكم في المفاصل الاقتصادية ، وبالتالي سوف تتمكن هذه الطبقة الفاسدة والمفسدة و الناتجة عن زواج عرفي وغير شرعي من إدارة دفتي الاقتصاد والسياسة بالاستعانة بأشباه السياسيين و أنصاف الاقتصاديين و أرباع الحزبيين و أخماس النقابيين الزاحفين على بطونهم طمعا في السلطة و طلبا للمال ، كما هو حاصل في الكثير من بلدان العالم ، وما تقارير منظمة الشفافية الدولية عنا بغائبة . | |
|