منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت

بسم الله الرحمان الرحيم (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون )) التوبة / 105  
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

     

     حركة مجتمع السلم بين كدر الجماعة وعذاب الفرقة .... بقلم الحاج الطيب عزيز

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    حمس لرجام
    عاملي
    عاملي
    حمس لرجام


    ذكر
    عدد الرسائل : 1902
    العمر : 62
    العمل/الترفيه : الأنترنت
    تاريخ التسجيل : 04/09/2008

    حركة مجتمع السلم بين كدر الجماعة وعذاب الفرقة .... بقلم الحاج الطيب عزيز Empty
    مُساهمةموضوع: حركة مجتمع السلم بين كدر الجماعة وعذاب الفرقة .... بقلم الحاج الطيب عزيز   حركة مجتمع السلم بين كدر الجماعة وعذاب الفرقة .... بقلم الحاج الطيب عزيز Emptyالثلاثاء فبراير 09, 2010 8:12 pm

    من صور الانحراف التسليم بالواقع والإقتداء بالأشخاص:

    ربما يقول قائل: كيف نتوحد وقد أعلن بعضنا عن تشكيل حركة جديدة؟.
    وربما يؤكد البعض الأخر أنه يوجد من داخل حركة حمس من يعتبر هذا الانفصال رغم بشاعته وشؤمه تخلص نهائي من المجموعة التي تسببت حسب قناعتهم في اختلافات وخصومات شديدة مع القيادة الحالية للحركة؟.
    إن منطق الاعتدال المبني على أصول الإسلام وقواعده يعتبر هذا الانقسام ظاهرة سلبية لذلك فإن التسليم به يعد شكلا من أشكال الانحراف عن المنهج، والرضا بالأمر الواقع وإن خالف المقصد الشرعي ونصوص القرآن والسنة الواضحة والصريحة في الأمر بالإتحاد وجمع الكلمة ولزوم الجماعة والائتلاف والأخوة، وفي النهي عن الاختلاف المذموم والتفرق والانقسام، دليل على إتباع الأهواء والسبل البعيدة عن طريق الصراط المستقيم، قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).


    لأن مقتضى إتباع صراطه سبحانه وتعالى أن يلتزم الأخ الصادق في هذه القضايا الدعوية والسياسية وفي غيرها بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، يرتبط بهما وبمسار الدعوة المباركة ومنهجها المعتدل الذي ارتكز في منطلقاته وأسسه على(الإيمان والعمل والمحبة والإخاء) أي على قوة العقيدة والإيمان وقوة الأخوة والارتباط وإن هذا الأخ النموذج المستوعب لواقع الدعوة ومتطلبات المرحلة يدرك مقصد قرار لجنة الصلح الأخير الذي جمد الصلة حتى ينتهي الخلاف ورؤية صف رباني واحد كالبنيان المرصوص، ويدرك معنى استشهاد الإمام البنا بالآيتين الكريمتين في ركن الثقة وهما قول الله تعالىSadفلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)(النساء). وقوله عز من قائلSadفأولى لهم طاعة وقول معروف)..


    وفي كل الحالات فإن ترك الارتباط بالأشخاص وأقوالهم وأرائهم ومواقفهم، أيا كان موقعهم ـ إلا إذا كانت موافقة للكتاب والسنة ـ هو المأمور به شرعا وهو الأسلم، لأن كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. لذلك فإن الضرورة تقتضي الفصل بين مكانة الأشخاص، وقدسية المبادئ، فالأشخاص يستمدون مكانتهم من خدمة المبدأ، فإذا تحول الحفاظ على تلك المكانة بترك المبدأ أو الانحراف عنه، سقطت مكانة الأشخاص وبقت قدسية المبادئ.
    لأن الثقة بقيادة الدعوة والمرجعية العليا التي التزمت بخدمة المبادئ هي كل شيء لنجاح الدعوة.
    لذلك يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه بعدما كررت مرجعية الجماعة (لجنة الصلح) الدعوة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين في قراراتها وعلى صفحات الجرائد، وفي اللقاءات ومن خلال التوجيهات وعن طريق الإخوة الثقات...
    ـ وهل هو مستعد لاعتبار هذه التأكيدات المتتالية قاطعة لا مجال فيها للجدل ولا للتردد ولا للانتقاص ولا للتحوير ولا للتأويل؟


    ـ وهل عنده الاستعداد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي قيادة الدعوة الصواب، إذا تعارض ما أُمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي؟.
    وبما أن الإتحاد ولزوم الجماعة والأخوة ورص الصفوف من الواجبات الشرعية القطعية بنص القرآن والسنة، إلا في حالة وجود منكر وفساد محقق معلوم من قواعد الإسلام، ففي هذه الحالة يصبح الإنكار واجبا، وقول الحق واجبا أيضا.
    لكن منازعة الأمر أهله لا يجوز إلا في إطار لا يتسبب في الفتنة والوقوع في منكر أكبر حيث الشقاق والانقسام والفرقة والتآكل والكراهية والتباغض والتخاصم والتدابر والتنافر.
    لذلك فكل قناعات المعارضين لقيادة الحركة المتعلقة بمسألة التنافس على المنصب الأول في هرم الحركة قبل المؤتمر وقبل صدور قرار لجنة الصلح العليا تعد قناعات مبنية في عمومها على الغلو المتبادل بين المعارضة وقيادة الحركة في إطار الممارسة الديمقراطية التي تجاوزت قواعد وأخلاقيات السياسة الشرعية إلى السلبيات المبنية على ردود الأفعال في بعض المواقف وإلى سياسة لي الأذرع والمغالبة، الأمر الذي أثّر سلبا على الإرادة التي مارست حقها الشرعي بإخلاص في النصح والأمر بالمعروف لتصحيح مسار الحركة وتصويب الأخطاء والانحراف عن الأداء القيادي السليم كما جرت به تقاليد الحركة سابقا في مؤسسة الشورى في عهد الشيخ المؤسس محفوظ نحناح رحمه الله تعالى..


    كل ذلك التنافس والغلو فيه كان في مرحلة ابتليت فيها الحركة ببعض الممارسات والسلوكات الجاهلية ومن كل الأطراف بدون استثناء حتى حسم وفصل القول فيها قرار المرجعية ذي 13 بندا الذي هو أساس الحل، ثم القرار الحاسم الذي جمد الصلة حتى إنهاء الخلاف ورؤية صف رباني واحد كالبنيان المرصوص، فالأولى لكل الأطراف الآن (طاعة وقول معروف)فالمرجعية (لجنة الصلح) درست تقارير وتصريحات كل الأطراف واستمعت إلى كل الانتقادات المتبادلة ثم أصدرت قرارها وأرشدت الجميع إلى إنهاء الخلاف وتوحيد الصف فالتزم المخلصون في ولائهم وتوجهوا نحو الطريق الذي رسمته المرجعية بكل صدق ورفضوا أي تأويل وشدوا الرحال إلى المراجع من الدعاة والعلماء ليتبينوا ويقطعوا الشك باليقين وبعدما تأكدوا وإطمئنت قلوبهم رفعوا أصواتهم بنداء الوحدة وجمع الكلمة على القرار الذي هو أساس الحل ذي 13بندا، واستجابت قيادة الحركة مؤخرا مشكورة والتزمت شفويا وكتابيا بتطبيق قرار الحل ذي 13 بندا، وهذا الالتزام يجب أن يثمن لكونه سبيلا إلى إنهاء الخلاف وتوحيد الصف وإصلاح ذات البين، وليس فيه غالب ولا مغلوب، أما بعض قيادات من التغيير فقد اكتفوا برد الأمر إلى المرجعية إذا طلبت منهم مرة أخرى الالتزام بقرار البنود 13 نقطة صراحة.
    إلا أن بعض التصريحات الواردة من بعض الإخوة في كتلة التغيير ـ هداهم الله ـ الرامية إلى التملص من التزاماتهم تجاه الحركة وتبرير الفرقة والانقسام، خطأ جسيم نتمنى أن يتراجعوا عنه قبل فوات الأوان، لأن سنن الله لا تحابي أحدا، ولأنه من أخطأ ولم يتدارك خطأه فسيجد جزاء خطأه أو انحرافه طال الزمان أو قصر.
    يضاف إلى ذلك أن هؤلاء البعض من الإخوة ـ سامحهم الله ـ لم يكتفوا بإثارة القيل والقال حول مراسلة خاصة أرسلت من طرف أحد الدعاة حيث أولوها وفسروها لصالحهم لتبرير ما وقعوا فيه من شقاق وفرقة وادعاء أن الأخ المرسلة إليه طلب منه الالتحاق بهم وكأنهم انتحلوا شخصية المرسل بدون حرج، متجاوزين الحدود الشرعية في ذلك وفي كيفية الحصول على هذه المراسلة...فلما فشلوا في إدعائهم، انتقلوا إلى فتنة أخرى، حيث راحوا يذكرون ببعض الانتقادات السابقة لقيادة الحركة من بعض إخوانهم، والتي مضى عليها قرابة السنة والنصف، والتي صدرت قبل صدور أي قرار من المرجعية لإغارة الصدور بين قيادة الحركة التي استجابت لنداء الوحدة والصلح وهذا الأخ الذي التزم بقرارات المرجعية (لجنة الصلح) في الدعوة إلى وحدة الصف وإصلاح ذات البين وكذا لتشويه أحد المراجع من الدعاة مرة أخرى بإقحامه في هذه الأساليب المتدنية ووصفه أنه غير أمين، وهل هناك شيء يمس بقيمة الإنسان وكرامته أكثر من اتهامه في دينه وأمانته؟ وهل هناك شيء أعظم من البهتان على أهل الإيمان والطهر والصدق والأمانة؟


    وأمام هذه السلوكات الجاهلية المتدنية التي ليس فيها من أخلاق الرجولة في الإسلام من شيء والتي لا تمت بالصلة إلى منهج الدعوة إلى الله تعالى التي تجاوب مع الإعلان عن السير في طريقها العديد من الإخوة المشهود لهم بالاستقامة للأسف، ومع ذلك لا يمكن أن ترد الإساءة بالإساءة بل نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم ليعرف هؤلاء الإخوة الحقيقة ويتساءلوا هل هذا هو سبيل الدعاة إلى الله عز وجل الذين بلغوا درجة الربانيين حسب إدعاء بعضهم، ونلتزم بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ونعفوا ونصفح ونتجاوز مسترشدين في ذلك بما جاء في ((مسند الإمام أحمد))من حديث معاذ بن أنس الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال((أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك))
    وأخرج الحاكم من حديث عقبة بن عامر الجهني قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم((يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك))
    وهل يكفي أن نعفو ونصفح ونترك من انتزعت منهم الأمانة ينخرون قيم الوحدة والائتلاف والأخوة ويكررون وبإصرار عملية التضليل مع كل من يخالف رأيهم بدون أن نبين لهم وليغيرهم الحق وما وقعوا فيه من انحراف في ترويج آفة الفرقة والانقسام بالأساليب الغير الشرعية التي غاب فيها الحياء والتي ستنتهي إلى شر العواقب.


    إن الأخ المسلم الذي التزم بمنهج الدعاة إلى الله إذا لم يمنعه الحياء من الله سبحانه ومن رجال الدعوة إخوانه الذين سادت بينه وبينهم المودة والمحبة ردحا من الزمن، والواجب أن يواجهوا الحجة بالحجة والدليل بالدليل في إطار البحث العلمي المؤصل في حالات الاختلاف، و لا يخفى على أمثالهم معنى التهديد والوعيد الذي جاء في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن ابن مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت))
    وخرج أبو نعيم في الحلية عن عثمان عن زازان عن سليمان الفارسي رضي الله عنه قالSad(إن الله إذا أراد بعبد هلاكا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا، فإذا كان مقيتا ممقتا نزع منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا كان خائنا مخونا نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظا غليظا، فإذا كان فظا غليظا نزع ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه، لم تلقه إلا شيطانا لعينا ملعنا))
    إن سلامة الصدر تفرض على المؤمن أن يتمنى الخير للناس، إن عجز عن سوقه إليهم بيده، أما الذي لا يجد بالناس والأولى بإخوانه الذين تعاشر معهم –شرا فينتحله لهم انتحالا، ويزوره عليهم تزويرا فهو أفاك صفيق.
    قال تعالى((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون))النور.


    ومن فضل الله على العباد، أنه استحب ستر عيوب الخلق، ولو صدق اتصافهم بها، ولا يجوز لمسلم أن يتشفى بالتشنيع على مسلم ولو ذكره بما فيه..ومن ثم حرم الإسلام الغيبة، إذ هي متنفس حقد مكظوم، وصدر فقير إلى الرحمة والصفاء
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته))رواه مسلم
    ومن آداب الإسلام التي شرعها لحفظ المودات، واتقاء الفرقة، تحريم النميمة، لأنها ذريعة إلى تكدير الصفوف وتغيير القلوب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهي أن يبلغ عن أصحابه ما يسوءه قال((لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر))رواه أبو داوود.


    وعلى من سمع شيئا من ذلك ألا يوسع الخرق على الراقع ويحطم جهودا كبرى بذلت من أجل إخماد نار الفتنة وإنهاء الخلاف وتوحيد الصف وجمع الكلمة، فرب كلمة شر تموت مكانها..ورب كلمة شر سعرت الحرب وأججت الخلاف من جديد، والرجوع إلى القصة من المتسبب في الفتنة ومن المدان ومن قال كذا أو صرح بكذا..بسبب ماذا بسبب غرَ نقل كلمة لا تعنيه بشكل من أشكال الخيانة ونفخ فيها، فتصبح شرارة تهدم الطريق إلى تأليف القلوب ورص الصفوف وهو بدون شك يعرف ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام البخاري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم((لا يدخل الجنة نمام))وفي رواية((قتات)) قال العلماء هما بمعنى واحد وقيل:النمام الذي يكون في جماعة يتحدثون فينقل عنهم والقتات: الذي يستمع عليهم من حيث لا يشعرون، ثم ينم، وهذا الذي وقع للأسف.
    وخرج الإمام أحمد وغيره من حديث أسماء بنت يزيد عن النبي صلى اله عليه وسلم قالSad(ألا أنبئكم بشراركم قالوا: بلا يا رسول الله، قالSadالمشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرأء العنت))
    وروى في الحديثSad(إن النميمة والحقد في النار، لا يجتمعان في قلب المسلم))(الطبراني)
    ومن لوازم الحقد سوء الظن، وتتبع العورات، واللمز، وتعيير الناس بعاهاتهم، أو خصائصهم البدنية والنفسية.
    وقد كره الإسلام ذلك كله كراهية شديدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((من علم من أخيه سيئة فسترها، ستر الله عليه يوم القيامة))الطبراني.

    وقال((من ستر على مؤمن عورة كأنما أحيا مودة)) الطبراني.
    وشتان بين شعورين شعور الغيرة على حرمات الله والرغبة في حمايتها بجمع الكلمة وتأليف القلوب، وشعور البغضاء لعباد الله والرغبة في إذلالهم، أو تفريقهم
    إن بعض الحاقدين، تغلي مراجل الحقد في أنفسهم، لأنهم ينظرون إلى الدنيا فيجدون ما يتمنونه لأنفسهم قد فاتهم وامتلأت به أكف أخرى وهي الطامة التي لا تدع لهم قرارا
    وقديما رأى إبليس أن الحظوة التي يتشهاها قد ذهبت إلى أدم، فألى ألا يترك أحدا، يستمتع بها بعد ما حرمها، ((قال: فيما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين))(الأعراف) بتصرف(من خلق المسلم-وجامع العلوم والحكم-)
    ألم تتابع أخي المسلم الحملة الإعلامية المسعورة على الحركة وقادتها ووزرائها، فكل من ساهم بقوة في توحيد صف الحركة إلا واستهدف في مرحلة تكلم فيها بعض العلماء والدعاة وأكدوا المؤكد في الدعوة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة، فهل هذه الحملة مجرد صدفة؟ أو أن هناك مؤامرة شديدة لتمزيق صف حركة مجتمع السلم، وفي كل الحالات فالأخ المسلم عموما لا يرضى بهدم حركة إسلامية معتدلة ساهمت في الحفاظ على وحدة الوطن وصححت ما ألصق بالإسلام من تطرف وعنف وإرهاب كما لها بصماتها في التنمية عموما.. فضلا عن المنتسب للإخوان الملتزمين من الذين تربوا في هذه الحركة وأصبحوا بفضلها شيئا مذكورا، بعدما كانوا نسيا منسيا أو من عموم المواطنين، فواجب هؤلاء قبل غيرهم أن يدافعوا على هذا الرصيد الذي كان سلما لبروزهم أو على الأقل أن لم يتمكنوا من أن يقولوا خيرا فليصمتوا أوليكفوا.. والغريب في الأمر هو مهاجمت بعض النشطين في مسار نداء وحدة الصف وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين بأساليب غريبة تترك الحليم حيران يتساءل هل الدعوة لوحدة الصف شر؟ وهل إصلاح ذات البين جريمة؟
    وهل الالتزام بقرارات لجنة الصلح العليا انحراف؟


    وهل التراجع عن الغلو في الاختلاف منكر؟
    وهل الدعوة إلى لزوم الجماعة تحت مظلة الحركة التي أسسها الشيخ محفوظ ورفيق دربه الشهيد محمد بوسليماني رحمهما الله معصية؟
    وهل التسامح والتعامل مع قيادة الحركة اليوم كبيرة من الكبائر؟
    أليس الحق قديم ثابت لا يبطله شيء من الاجتهادات والمتغيرات والرجوع إليه فضيلة ونعمة كبيرة؟ وفي كل الحالات فإن الزمن جزء من العلاج وسيكشف بدون شك من كان وراء تغذية هذه الحملة...وإن الذي نذكر به أهل الإيمان(الذين إن مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)إن المرحلة تقتضي التأكيد أنه ليس هناك فساد معلوم ليس فيه شك أكثر من فساد ذات البين(..فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)كما جاء في الحديث الشريف فالقتاتون النمامون عمدوا في كل مرحلة وعلى الخصوص بعد صدور القرار الأخير للجنة الصلح إلى إفساد ذات البين ومحاولة شل مسار وحدة الصف وجمع الكلمة بأساليب شتى.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. لكنهم في الحقيقة كشفوا عن أساليبهم في إشاعة الفرقة وتكريسها هداهم الله..هداهم الله..مع علمهم أن الله عز وجل نهانا كمسلمين عن ذلك فقال عز من قائلSadولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)، كما جاء نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ووصفه بدعوى الجاهلية في الحادثة التي وقعت للأوس والخزرج عندما دس عليهم اليهودي شأس الذي ذكرهم بيوم بعاث فأثار بينهم نعرات الجاهلية وكادوا يقتتلون لولا أن خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فنهاهم قائلا: ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ) أضف إلى ذلك ما أمرنا به سبحانه وتعالى أن لا ننسى الفضل بيننا فقال((ولا تنسوا الفضل بينكم) والمعلوم من خلال التجارب عبر تاريخنا الإسلامي أنه(مهما اختلف في وجهات النظر في المسألة المعروضة، فليس الذي يثير النزاع هو اختلاف وجهات النظر، إنما هو الهوى الذي يجعل كل صاحب وجهة يصر عليها مهما تبين له وجه الخطأ فيها، وإنما هو وضع ((الذات))في كفة، والحق في كفة، وترجيح الذات على الحق ابتداء))(في ظلال القرآن(3)1528)
    (فالأخ المسلم قد يختلف مع من حوله ولكن من أجل الوصول إلى الحق لا من أجل الإنتصار لنفسه فإذا ما ظهر الحق على لسان غيره أذعن إليه فلا يحاول فرض رأيه أو الانتصار له بدون النظر لموقع هذا الرأي من الحق))(ركائز الدعوة)
    (يقول الإمام الشافعي-رحمه الله-:رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ويقول أيضا: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ))(صفة الصفوة)


    لذلك فلا يليق بأهل الإيمان المنتسبين إلى تيار الوسطية والاعتدال إذا تحاوروا عبر الوسائل الحديثة في المواقع الإلكترونية بالحجة والدليل الشرعي، وأقيمت الحجة على أحدهم وعجز عن الإتيان بأي دليل وعلى الخصوص إذا تواترت الأدلة بإدانة موقفه وزاد هذه الإدانة تأكيدا قرار(لجنة الصلح العليا) وأقوال العلماء والدعاة فالواجب الانصياع إلى الحق والاستجابة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة بدل اللجوء إلى أسلوب التبرير والخصومة مع كل من يقف ناصحا أو أمرا بمعروف أن ناهيا عن الفرقة والانشقاق ويزداد الأمر سوءا إذا تحولت الخصومة إلى مرتبة((إذا خاصم فجر)) ففي سنن أبي داود عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال((من خاصم في باطل وهو يعلمه، لم يزل في سخط الله حتى ينزع)) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم((إن أبغض الرجال إلى الله الألد(الشديد الخصومة) الخصم)) لأن هذه الأساليب من الآفات الممقوتة وعمرها قصير ومقترفها في سخط الله حتى يتخلى عنها لأن الله(لا يصلح عمل المفسدين)والله(يدافع عن الذين أمنوا) وأنه(ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) ولأن أشنع الظلم أن تتخذ من أخ لك هدفا وتجمع الناس والجموع ليرجموه معك، وتنسى الفضل بينكما لا لشيء بينك وبينه إلا أنه يخالفك في الرأي وفي الالتزام بالتوجيه القرآني((والصلح خير))ولا يخفى عليك ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والبخاري في الأدب، والمتقي الهندي في الكنز، والترمذي، وابن حبان في صحيحه..من حديث أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالSad(ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة، والصيام، والصدقة؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قالSad(إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة))


    واعلم يرحمك الله ويهديك إلى سلامة الصدر ويرشدك إلى التطلع والسعي إلى أفضل الدرجات، أن أي نقد وجه لقيادة الحركة في مرحلة تعالت فيها الأصوات واختلفت فيها الآراء والتقديرات وزلت فيها الألسن والأقدام وغذيت فيها موجة الصراع بكشف الأسرار وإشاعة الاختلافات القيادية وانتشار القيل والقال اللغط واللغو والغلو، وتشكلت قناعات وتكتلات، واشتد ذلك في المؤتمر وبالخصوص الأيام التي جاءت بعده حيث التصريحات التي أججت الصراع ودفعت المغلوب إلى فقدان التوازن والغالب إلى الاستعلاء على من تغلب عليهم، ولا يخفى على أحد طبيعة الجزائري فهو((عنيف في الحق عنيف في الباطل))فقام المغلوب يشتكي ويصف الأحداث بشكل من الغلو والانفعال، وفي العموم وقع تبادل التهم بالانحراف عن المنهج، والعبرة اليوم ليست بإثارة هذه الخصومات وتأجيجها من جديد بل العبرة باستعاب الدرس من هذه الفتنة وإدراك معنى التوجيه النبوي((الجماعة رحمة والفرقة عذاب))والضرورة تقتضي من الجميع التراجع عن هذا الغلو إلى الاعتدال والسعي لتأليف القلوب ولم الشمل ولزوم الجماعة وإعطاء الأولوية للتسامح والتصالح والتناصح والتوجه نحو المسار الذي رسمته(لجنة الصلح العليا) وهذا هو واجب كل الإخوان الصادقين الملتزمين ومن كل الأطراف..إلا أن طبائع البشر ليست على قلب رجل واحد في مرحلة الفتن، لذلك لم تمضي إلا أيام قلائل على قرار(تجميد الصلة حتى ينتهي الخلاف..) وإذا بأمر الانقسام والانشقاق يدبر بليل وبسرعة كبيرة لم تعطي فرصة حتى لاستعاب رسالة sms أحد الدعاة لتوضيح قرار التجميد..بل تم تأويل هذه الرسالة تأويلا غير صحيح والتوجه نحو هذا التدبير الذي ستكشف الأيام خلفياته وأهدافه، وأمام حالة الانقسام ارتفعت أصوات ترفض الانقسام والانشقاق وتعلن التزامها بقرار المرجعية التي يتغنى بها الجميع وعزمت على السعي لإنهاء الخلاف وتوحيد الصف وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين، (فهل هذا الالتزام ذنب يعاتب عليه، وتثار حوله الشبهات ويشوش عليه، ويكاد لأصحابه الكيد الرخيص؟ مع ملاحظة أن هذا هو سبيل دعاة الوحدة ولم الشمل يمتحنون في إخلاصهم وصدق توجههم، ولا يصيبهم إلا ما كتب الله لهم..لذلك يمكن أن نتساءل:
    (هل يستوي الذين يدعون إلى وحدة الصف وجمع الكلمة مع الذين يدعون إلى الفرقة والشقاق؟ طبعا لا يستوون...
    (وهل يستوي الذين لم يجدوا في أنفسهم حرجا مما تقرر وسلموا تسليما، وقالوا سمعنا وأطعنا مع الذين وقعوا في الشبهات والتأويلات ابتغاء الفرقة والانقسام؟طبعا لا يستوون..عند الله تعالى وعند أهل العلم والدعوة إلى الله الذين أكرمهم الله سبحانه بالفهم الصحيح وصدق التوجه.


    لأن إرادة الوحدة وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين إرادة اعتمدت على الدليل الشرعي وقرار المرجعية، لذلك فإنها ستتغلب ـ بإذن الله تعالى ـ على هذه التحديات والعوائق المفتعلة،و تقول الحق وتصبر على الأذى ولا تخشى في الله لومة لائم وتتسامح مع الجميع حتى يفتح الله تعالى بتأليف القلوب ورص الصفوف، ويعفو ـ سبحانه إن شاء ـ عن الجميع، ويغفر لمن تاب وأصلح واستجاب لنداء الوحدة وجمع الكلمة.
    ونحن على يقين أن معظم الإخوة الذين ساروا في طريق التغيير لا علاقة لهم البتة بهذه السلوكات وهذه الأساليب التي أشرنا إليها إشارات تفي بالغرض من منطلق تبيان الحق ورفع اللبس وبالخصوص أسلوب التشويه والتلويث وتتبع العورات وعلى الخصوص تشويه أحد الدعاة المعروف بسمته الإيماني والموصوف بالقوي الأمين كونه يمارس منصب أمين منذ سنين خلت.


    إن هذه التجربة المرة والقاسية رغم عذابها وبشاعتها تعد رصيدا يضاف إلى تجربة الحركة ولكنه رصيد في إطار فقه الفتن وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه(من لم يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام)لقد سادت بعض سلوكات الجاهلية في معاملاتنا السياسة، ورغم إصرار بعض إخواننا هداهم الله تعالى على مواصلة السير في الطريق المعوج طريق الفرقة والانشقاق والكراهية والأحقاد إلا أن واجب الوقت والمرحلة يفرض علينا جميعا التوجه إلى السعي لتوحيد الصف وجمع الكلمة على أساس المبادئ ومنطلقات المنهج وفي إطار الولاء للفكرة ولقيادة الجماعة التي تستمد مكانتها من خدمة المبادئ.
    وبناء على ذلك جاء تأكيد شيخ ألإسلام بن تيمية في معرض كلامه على موضوع الولاء للأمراء عموما قوله: (( نعطيهم من الولاء بقدر ما فيهم من الخير)).هذه قاعدة عامة تؤكد أنه ليس فيه ولاء مطلق إلا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمبادئ الإسلامية المعلومة في إطار الوسطية والاعتدال وللقادة والدعاة الذين استمدوا مكانتهم من خدمة هذه المبادئ.
    والولاء على المبادئ إما أن يكون ولاء محبة وإخاء في الله وفي إطار منهجه وتعاليمه وهو ولاء رباني اختياري ينتج الأجر والثواب والخير في الدنيا والآخرة، وإما أن يكون ولاء سياسي سلبي مبني على المصالح والمنافع وهو ولاء هيمنة وإكراه ومساومة، ينتج التباغض والكراهية والتحاسد والاختلاف والانقسام والتخاصم والإثم والشقاء في الدنيا والآخرة. أما الولاء التنظيمي فهو ولاء مبني على التراضي على الالتزام بشروط العضوية في الجماعة واحترام اللوائح وقرارات المؤسسات وهو ولاء لمبادئ الشورى والعمل المؤسساتي.
    وعلى أساس الولاء للمبادئ ولاء المحبة والإخاء بين الأفراد والولاء التنظيمي تبنى الجماعة المسلمة ويضاعف الجهد من أجل وحدة صفها والتمكين لمشروعها، والثبات على السير معها والصبر على المحن والابتلاءات التي تصيبها، وفي كل الحالات فإن سلامة سير الجماعة مرهون بالتزام أتباعها بالحق وتقديسه واعتباره كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله : (( هو المتبع دون الرجال، والحق أيضا لا يعرف إلا بهم، وبهم يتوصل إليه، وهم الأدلاء عليه)).
    وبالطبع فإنهم الرجال أصحاب المبادئ، الذين لا يقدمون على عمل إلا بعد معرفة الدليل من الكتاب والسنة، لأنه كما قال حجة الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه: (( من ترك الدليل ضل السبيل)).


    ولقد تعددت أقوال أئمة الهدى في التحذير من الإقتداء والاستنان بالرجال وما أحسن قول عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك حيث قالSad(من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في أثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم)) أصول العقيدة الإسلامية الإمام الطحاوي ص122.
    وذكر الإمام الشاطبي أنه روى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: ((إياكم والاستنان بالرجال فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل يعمل بعمل أهل النار، فينقلب ـ لعلم الله فيه ـ فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم لا بد فاعلين، فبالأموات لا بالأحياء)). فقوله كرم الله وجهه في الجنة يعني(بالأموات) الصحابة ومن جرى مجراهم ممن يؤخذ بقوله ويعتمد على فتواه..وأما غيرهم ممن لم يحل ذلك المحل فلا، كأن يرى رجلا يحسن الاعتقاد فيه فيفعل فعلا محتملا أن يكون مشروعا أو غير مشروع فيقتدي به على الإطلاق ويعتمد عليه في التعبد ويجعله حجة في دين الله فهذا هو الظلال بعينه)) الاعتصام، ج1 .


    وذكر الداعية عباس السيسي في كتابه: حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية ص65-66 : ((أنه في مؤتمر الطلاب للإخوان المسلمين الذي انعقد بدار جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة عام1938، حين وقف حسن البنا للخطابة إذ تحمس أحد الإخوة من الطلاب فهتف بحياة حسن البنا ـ وبرغم عدم استجابة الحاضرين لهذا الهتاف ـ إلا أن فضيلته وقف صامتا لا يتحرك برهة، فاتجهت إليه الأنظار في تطلع..ثم بدأ حديثه في غضب فقال: أيها الإخوان إن اليوم الذي يهتف في دعوتنا بأشخاص لن يكون ولن يأتي أبدا، إن دعوتنا إسلامية ربانية قامت على عقيدة التوحيد، فلن تحيد عنها، أيها الإخوان لا تنسوا في غمرة الحماس الأصول التي آمنا وهتفنا بها "الرسول قدوتنا"، (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، الأحزاب.


    وبهذا الموقف وضع الإمام الشهيد شباب الدعوة أمام صورة حية للمحافظة على جوهر الدعوة والاستمساك بها وعدم التعلق بأشخاص مهما تكن مراكزهم في مسيرة العمل الإسلامي)).
    (( وفي مدينة رشيد أقام الإخوان حفلا بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وحين جاء أحد المتكلمين في الحفل وقد كان من المتحمسين لنشر دعوة الإخوان.. فقال: إن مثلنا الآن من فضيلة الأستاذ المرشد وهو يشير إليه، كمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، وما كاد الأستاذ المتحدث ينتهي من هذه العبارة حتى قفز الإمام الشهيد إلى المنصة ثم اتجه إلى الناس قائلا:" أيها الإخوة معذرة إذا كان الأستاذ المتحدث قد خانه التعبير، فأين نحن من تلامذة تلامذة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ثم نزل إلى مكانه، ولم يستطع الأستاذ المتحدث إكمال الحديث كما بدأه. وفي اليوم التالي انقطع اتصاله بالإخوان في الإسكندرية، وبعد مدة أعلن عن تكوينه جمعية التقوى والإرشاد. وهكذا لم يكن في استطاعة ( البنا) السكوت على هذه التصرفات.. ذلك أنها كانت تمس الأصل الكبير الذي قامت عليه دعوته وجماعته، فقام ليعذر إلى الله في التو واللحظة، ويقطع مسلكا من مسالك الانحراف في طريق الدعوة وأساسها الرباني، فهو الذي علم الإخوان أن لا يهتفوا باسم أحد إلا الله، ولا يعظموا شخصا ولا يحيوا إنسانا إلا الرسول الكريم.
    واسمع إليه وهو يشرح هذا الهتاف ويعمق معانيه في النفوس حيث يقول رحمه الله :
    "الله غايتنا" إن دعوة الإسلام أيها المسلمون مبدؤها ومنتهاها أن يتصل الناس بالله صلة حقيقية تطهر قلوبهم وتغير من نفوسهم، وأن يتعرفوا عليه تعرفا حقيقيا، وهي الغاية التي قامت عليها السموات والأرض وبعث لأجلها النبيون ويقوم بها الصالحون.. فإننا حينما نهتف (الله غايتنا) فإنما نريد أن تعلو كلمة الله على كل كلمة وأن يسود تشريع الله على كل تشريع وأن يصبح المسلمون جميعا ربانيون..
    "الرسول قدوتنا": إننا لم نتخذ زعيما من الناس ينعق لنا وننعق له، ويهتف لنا ونهتف له، ولكنا بعثنا محمدا في نفوسنا وأحييناه في ضمائرنا.


    إن الرسول لحي في ضمائرنـا على الزمان يرى منا ويستمع
    كأن ـ والله ـ في التنزيل قارئه يحس صوت رسول الله يرتفع

    فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيم بكل ما في معنى الزعامة من قوة وسؤدد، لا يدانيه في زعامته أحد من الناس.. ذلكم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اتخذناه زعيما لنا نهتدي بهداه ونقتدي به ونسير على منواله، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ـ الأحزاب، ونعمل على ابتعاث تراثه واستعادة مجده وعلى هذا كان البنا يعمل جاهدا على تنمية هذا الوعي العقائدي في نفوس جماعته.. فقد كان رضي الله عنه على الطريق المستقيم سالكا بجماعته اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالىSadقل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)يوسف.
    وبما أن سبيل التجمع الإسلامي الأول لم تكن فيه التبعية للأشخاص.. كما لم يكن الإقبال على الإسلام والانتساب إليه يستهدف مصالح العاملين فيه.. بل إن التبعية كانت للمبادئ، وكان طمع الإتباع يستهدف رضاء الله عز وجل.. قال شداد ابن إلهادSad(جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه فقال، أهاجر معك فأوصى به بعض الصحابة فلما كانت(غزوة خيبر)، غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فقسمه وقسم للأعرابي.. فقال الأعرابي للرسول: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمي ها هنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال رسول الله صلى عليه وسلم: إن تصدق الله ليصدقنك الله، ثم نهضوا إلى القتال، فأُتِيَ به وهو مقتول فقال الرسول: أهو هو؟ فقالوا: نعم قال: صدق الله فصدقه)).


    هذا الوعي العقائدي هو الذي حفظ الجماعة المسلمة من الانفراط بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد تجسد في أبهى صورة وأوقع بيان حين وقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه يعلن على الملأ: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم قرأ على الناس قول الله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ـ آل عمران.
    ...لقد كان حسن البنا حريصا على أن يترسم بجماعته خطى الجماعة المسلمة الأولى تنظيما ووعيا وتربية والتزاما، لتكون في مستوى الأعباء الضخمة التي حملتها بعد أن تخلى عنها الناس..أنظر إليه-رضي الله عنه-وهو يشترط في بيعته أن يكون (التجرد) صفة لازمة للأخ المسلم حيث يقول: ((وأريد بالتجرد: أن تتخلص لفكرتك من كل ما سواها من البادئ والأشخاص، لأنها أسمى الفكر وأجمعها وأعلاها، (صيغة الله ومن أحسن من الله صبغة) ـ البقرة. ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذا قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم، وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا، حتى تؤمنوا بالله وحده)(الممتحنة.)انتهى بتصرف


    وعلى ضوء هذه المعاني السامية يمكن التأكيد على أن كل الأطراف في الحركة سيمتحنون في انتماءهم بعدما أكدوا جميعا ـ خاصة المعنيون بالاختلاف والفرقة والخصومة ـ أمام المرجعية وأمام أبناء الحركة أنهم سيلتزمون وبدون تردد بتوصيات أو قرارات المرجعية (لجنة الصلح العليا) سائلين الله عز وجل أن يجتاز كل الأطراف الامتحان بسلام وستنفرج الكربة بإذن الله فتلتئم الجراح ويلم الشمل ويفرح الإخوان بحركتهم بعد إصلاحها وإخوتهم ورص صفهم، قال تعالى: ( فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ).
    فأين نحن اليوم من هذا الوعي بالمنهج الصحيح للفكرة ومسار الجماعة ومبادئها ومواقفها؟ لقد أثرت سلبيات الديمقراطية على مسارنا فانجرفنا عن المنهج السليم فغيرنا فتغيرت أحوالنا (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. لقد امتلأت ساحاتنا بالهتافات لمناصرة الأشخاص لا المبادئ حتى أصبح تدبير الذين تولو كبرى هذه الفتنة يعظمون الأشخاص على حساب المبادئ في أخبار الصحف بوصف الإخوان أنهم(أتباع فلان أو علان)بعدما كانوا يوصفون بتيار السلم والوسطية والاعتدال أو أبناء حركة مجتمع السلم، وساد هذا السلوك حتى أصبح مقياسا للوفاء والمخالف له متهما في انتمائه وولائه للأسف..
    والذي يجب أن يكون وأن يراجع كل فرد في الحركة فيه نفسه، هو التمسك بالمبدأ العام "وحدة الصف وجمع الكلمة"، وأن يرفض اجتهادات الأشخاص التي تدفع نحو الانشقاق والانقسام سواء كان ذالك بدعوى الشرعية أو بدعوى التغيير والتمسك بالمنهج، والجميع يعلم أن أول مبادئ المنهج قوة الإيمان والعقيدة وثاني مبادئ المنهج قوة الإتحاد والارتباط والائتلاف والأخوة، وعلى هذين المبدأين الأساسيين تبنى الجماعة ويحدد برنامجها العام وأهدافها ومنطلقاتها ووسائلها..


    فبهذه العقيدة الصحيحة والفهم السليم ننجي أنفسنا من الوقوع في الفتنة وفي مخالفة أمره سبحانه وتعالى قال تعالىSadفليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)، ونساهم في توحيد صفنا وجمع كلمتنا ملتزمين في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجماعة رحمة والفرقة عذاب)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) ، وقوله: (يد الله مع الجماعة)، وندعو إلى ذلك بصدق ونتمسك به ولا نخشى في الله لومة لائم، ولسنا مسؤولين بعد ذلك عن مواقف الأفراد الآخرين إذا لم يلتزموا ولم ينتصحوا، ولو كانوا من أقرب المقريين، أو كانوا في الصدارة والمقدمة والواجهة، فالتزامنا بالحق الذي نطقت به نصوص القرآن والسنة، والقيام بالدعوة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة والنهي عن الفرقة والانقسام هو عين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يقول حجة الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله سره ـ: (( ومن الأمر بالمعروف: الأمر بالائتلاف والاجتماع والنهي عن الاختلاف والفرقة..))، فثباتنا وصمودنا على الالتزام بهذا المقصد الإسلامي العظيم أكبر رادع لمن همَّ بخرق السفينة ـ ولو كان هو ربانها ـ أو لمن أراد أن يشقها ويصدعها وإن كان مقصده التغيير...


    ودع عنك قيل وقال فإنه منهج المفتونين الذين لا حجة لهم في إقناع الأفراد بطريقهم المعوج الذي حاد عن السبيل الصحيح بالسير في طريق الغلو والطعن والتجريح في الأشخاص بأساليب الغيبة والنميمة والبهتان لتعميق فتنة الفرقة والانقسام والانتقال بها إلى الأسر وإلى الأخوة المتحابين في الله المجتمعين على منهجه سبحانه واتبع سبيل المؤمنين من الإخوان الصادقين والواعين، المؤدي حتما إلى مسار مدارج السالكين ليصلوا برجال الحركة بعد الوحدة والتصحيح والإصلاح إلى صفوف الربانيين الذين تجاوزوا الخلاف المذموم ورفضوا الانقسام والانشقاق واعتبروه معنى من معاني الكفر والذي سيكون مآله هلاك الجماعة وفنائها..
    واعلم يا أخي أن الله سبحانه يقول((لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)) وإن كان هذا حق أعطاه الله سبحانه للمظلومين إلا أنه عز وجل أرشدنا إلى أفضل من ذلك فقال((ولئن صبرتم فهو خير للصابرين)) كما وجهنا سبحانه إلى التوبة من أي ذنب نقع فيه فهو التواب الرحيم فقال((وإني لغفار لمن تاب وأمن وعمل صالحا ثم اهتدى))(طه) وقال((ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما))(النساء) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم((أذنب عبد ذنبا، فقال: رب، إني عملت ذنبا فأغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، وقد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا أخر..إلى أن قال في الرابعة: فليعمل ما شاء))روي في الصحيحين- ويعني: مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنبا استغفر منه، فالتوبة لله ليست لأحد، والفرصة سانحة فأغتنمها ولا تتعصب فربما لا تتكرر.
    وبناء على ذلك فأبناء الحركة الواعية مسؤولون عن إنهاء الخلاف والفرقة والعمل على رص الصفوف وجمع الكلمة في إطار المبادئ وتوصيات المرجعية.. ( فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    حركة مجتمع السلم بين كدر الجماعة وعذاب الفرقة .... بقلم الحاج الطيب عزيز
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت  :: المنتدى السياسي :: قسم الأقلام السياسية-
    انتقل الى: