حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: كان رسائلا تمشي في الأسواق .... بقلم الأخ : نورالدين لعموري الجمعة فبراير 12, 2010 1:50 pm | |
| تبقى القلوب أسيرة لمن أحسن إليها ، وتحفظ له الوداد في أبسط الأمور ، فكيف إذا كان هذا الإحسان هو العيش لفكرة صادقة ورسالة خالدة . - إن الإمام حسن البنا واحد من الأئمة الذين خلبوا العقول ،وسلبوا الألباب،وملكوا القلوب،ووجهوا الأفكار ، وجددوا الإسلام ، وهو رمز فريد قلما يتكرر في زمان ، وكلما تصل ذكرى وفاته في 12 من فيفري نجد أبناء حركتنا بين صنفين : إما غافل عنها وهو ممن ورث فكره وسار في دعوته ، وإما متذكر
لها فيحييها إحياء ميّتا كما سرى في أعرافنا اليوم من إحياء المناسبات الوطنية والدينية ، فيصبح احتفالا لمجرد التباهي أو إقامة النشاط أو إثبات الإنتماء ، والمتتبع لحياة الإمام وسيرته في مذكراته أو رسائله أو مماقاله عنه تلاميذه ، أو حتى خصومه يجد أنها رمز للأخ الداعية يحتاج إلى أن يقتبس من معينها المواقف الدعوية كلما جدّ الزمان ، أوانتصبت العوائق ، أو تطورت الحركات .
- كثير منا يتكلم أو يكتب في الدعوة والحركة ويؤصل لذلك ويضع القواعد و النظريات ، مما يثلج صدور المحبين ، ويقنع عقول المتحاملين أو الحائرين ، فإذا ما أتيت إلى واقع عمله ودعوته تقول شتّان مابين الأمرين ، ولعل هذا يعتبر أهم سبب في الهوّة التي تزداد اتساعا بين قائد منظّر وجنديّ يعمل ويأمل الخير فيما يسمعه أويتعلمه .
- وأكاد أجزم أنّ أهمّ عامل جعل فكرة الإمام المؤسس تنتشر ، وتسري في جسد الأمة ، ويتلهّف لها الشاب الطموح ، والمؤمن الغيور، هو ذلك التطابق الرائع ، والتناسق الجميل بين ماكتبه الإمام أو قاله ، وبين سيرته وأفعاله ، له في ذلك سلف وقدوة من المعلم الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكما قيل في الحبيب : "كان قرآنا يمشي في الأسواق " ، نقول في الإمام المؤسس : " كان رسائلا يمشي في الأسواق " ولامنافاة لأننا نعتبر الرسائل هي الفهم السليم للقرآن في هذ العصر " القرآن دستورنا " .
- نعم دعا الإمام إلى شمول الإسلام وكان هو شاملا فجمع المتفرقات في واحد ، يقول الشيخ سعيد حوى رحمه الله : " لاأنكر إرشاد المرشدين وعلم العارفين وبلاغة الخطباء والكاتبين وقيادة القائدين وتدبير المدبرين وحنكة السائسين ، لاأنكر هذا كله عليهم سابقين ولاحقين ، ولكن هذا التجمع لهذه المتفرقات من الكمالات قلما ظفر بها أحد كالإمام الشهيد رحمه الله ".
ودعا إلى الفرد المسلم :سليم العقيدة ، صحيح العبادة...صفات الفرد المسلم..
وكان كذلك رحمه الله ، فجمع بين دمعة المتهجد ، وفطنة الفقيه ، ووعي السياسي ، وشجاعة المقاتل ، ففي جانب العبادة تراه كيف يمضي نهاره في التنقل بين القرى داعيا ومرشدا ، حتى يسقط الظلام وقد أخذ التعب منه مأخذه ، وطبيعي أن ينام ، ولكن قلبه مستهام في شئ أعظم وأجل من النوم ، فيطمئن على أخيه عمر الذي كان مرافقا له حتى ظن أنه قد نام ويقوم خلسة يتوظأ ويصلي لمولاه ، لايفعل هذا إلا صاحب نفس عظيمة تأخذ زادها ليلا لتسير في دعوتها نهارا ، وفي فقهه العميق ترى عظمته في تجاوز المسائل الخلافية الفرعية ، وحرصه على جمع كلمة الأمة ، والأصول العشرين خير دليل على الفهم الجامع لجميع مسائل الإسلام ، وفي وعيه السياسي ترى كيف جعل لجماعة الإخوان دورا بارزا في الساحة السياسية المصرية والعالمية ، يكفيك من ذلك قول جمال عبد الناصر سنة 1954-قبل الإنقلاب على الإخوان- :" نعم أذكر في هذا الوقت وفي هذا المكان كيف كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية ، والأهداف السامية...وأشهد أني أعمل لتنفيذ هذه المبادئ وأفنى فيها.." ويقول كذلك أنور السادات سنة 1953 : " وتكررت زياراتي بعد ذلك للرجل – يقصد حسن البنا – وبدأنا نتحدث في كثير من الشؤون العامة ، وبدأت أوقن أن الرجل يطوي صدره فعلا على مشاريع كبيرة وخطيرة..."
أما حين الكلام على شجاعة المقاتل فلن ننسى دوره قبل استشهاده في فلسطين لولا الخيانة ، يقول في ذلك محمد نجيب اول رئيس للجمهورية المصرية :" ولن أنسى ماحييت هذا الشاب المؤمن القوي في معارك فلسطين ، يقتحم على العدو أقوى الحصون ، ويسلك إلى قتاله أعصى السبل ، ويتربص بقواته وجحافله كل طريق ، ويحتمل في ذلك من المشاكل والصعاب مالايستطيع احتماله إلامن امتلأت نفسه بالخالق ، ووجد قلبه حلاوة الإيمان "
- إن اتباع الإمام –أي فكرة الإسلام الصحيحة – ليس شعارا يرفع للناس مع مخالفة الأعمال ، وليس حجة لمنتمي يحصربه الإسلام في جماعته ودعوته .
- ونأخذ من سيرة الإمام أن حركتنا لاتحتاج إلى كثرة تنظير أوخطابات ، وإن كان ذلك من الضروريات ، بقدر ماتحتاج إلى أخ عامل فهم فالتزم ، وألزم نفسه ب: "قل آمنت بالله ثم استقم " ، وسمع فأطاع ، وامتثل ركن الطاعة في قوله : "..سمعنا وأطعنا " حينها نكون روحا تسري في جسد هاته الأمة ، يقبل الناس على دعوتنا ويعجبهم بريقها ولمعانها الذي تستمده من إعجاز القرآن وخلود الرسالة ، ونحقق أمل الشاعر المتفائل :
سنملأ الكون نورا من توقدنا حتى يسائل الناس عنا ماالخبر
- وختاما : أحبابي في الله :
- إن إحياء ذكرى الإمام أن أسمع وأطيع لمن هو لي إمام .
- وإن إحياء ذكرى الحسن تكون بالقول والفعل الحسن .
- وإن إحياء ذكرى البنا تكون بالعزم على البناء.
- وإن إحياء ذكرى الشهيدأن نحدث أنفسنا بالشهادة ، وأن نعيش لقضايا الأمة الإسلامية الكبرى على رأسها فلسطين الجريحة ، وبغداد المكلومة .
* وأن نقول للإمام وهو في قبره كما قال له تلميذه المحبّ العلاّمة يوسف القرضاوي :
نم في جوار زعيمك الهادي فما ///////// شيدت يابناء لم يتهدم
سيظل حبك في القلوب مسطرا //////// وسناك في الألباب واسمك في الفم
** عضو الأمانة الوطنية للدعوة | |
|