حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: مرافعـة لصالح المنتخبيـن... الثلاثاء مايو 18, 2010 2:42 pm | |
| مما يلاحظ في الواقع أن الناس ينتظرون من المنتخب الصادق أن يكون ذلك المسؤول المثالي الذي يحقق لهم ما يحلمون به من رفاهية ويقضي على كل ما يعانون منه من مشاكل ومفاسد، وهذا من حقهم؛ ولكن الذي يحدث هو أنه ما إن توشك العهدة على بلوغ المنتصف حتى تتعالى اتجاه هذا المنتخب أصوات اللوم والعتاب من كل صنف ولعل أشدّها مضاضة تلك الصادرة من داخل الصف. ليس من المعقول أن نقول أن المنتخبين ليس فيهم عيوب ولا نقائص ولا يحدث منهم تقصير أبداً، ولا يليق بعاقل أن يرفع قلمه ليبرّر لنقائص وتقصيرات المنتخب، ولكن من الواجب استجلاء الأمر في هذه القضية لأن فيها غموضا لا بد من توضيحه وسوء فهم لابد من تصحيحه وخلطا لابد من فرزه حتى يتبين ما يليق اللوم فيه وما لا يليق، وذلك من أجل تحقيق ما يلي: - تقليص مساحة اللوم فلا يكون إلا ّ في ما يستحقه بالفعل، ومن ثم يخفّ العبء على المنتخبين ( وصاحب المقال واحد منهم لعهدتين) فيعملون في جو أكثر راحة ويحققون بذلك نتائج أوفر. - توعية الجماهير بأن الديمقراطية ما زالت فتية في بلادنا وأن نجاحها الكامل يتطلب جهودا في مواطن أخرى الوصول إليها ليس بالضرورة عن طريق المنتخب، بل هو في ذاته يحتاج إلى دعم وإعانة منهم. - ما يحصل من هذه التوعية من انسجام بين المواطن ومسؤوليه وما ينتج عن ذلك من استقرار. - تمديد الآجال للحكم على نجاح أو فشل خيار المشاركة في بلادنا الذي بدأ العمل به بعد الانفتاح (1989)، عندما يتبيّن أن المنتخب لا يتحكم وحده فيما هو مطلوب منه. والحقيقة أن الصدق الكامل يقتضي أن تُقدّم هذه التوضيحات في الحملات الانتخابية من باب أنها تشبه الشروط لشبه العقد المبرم بين المنتخب والناخب، وكأنّ الأول عليه أن يقول للثاني:" أعطني صوتك واعلم أن الأمر ليس بيدي وحدي، وها هي العوامل المتحكمة في دوري كمنتخب." ولكن يبدو أن السياسة أيضاً تقتضي السكوت أحياناً – وفي السكوت حكمة ــ وخاصة أثناء حرارة الحملات التي يخمدها مثل هذا الكلام ، وكأنّ حال المترشحين يقول:" المهم الآن هو جمع الأصوات،و المفاهمة بعد الوصول". فمن وصل إذن عليه أن يتحمّل عواقب سياسته؛ ولعل محتوى هذا المقال يساهم في إعانته. وقبل الخوض في التوضيحات المطلوبة، لابد من الإشارة إلى أن الصعوبات والعراقيل التي يواجهها المنتخب ليست خاصة بفئة من المنتخبين دون غيرهم، وعليه فالرهان على من سيتحملها أكثر ويحسن التعامل معها وينجح رغم وجودها بنسبة مقبولة، فهي ليست مبرراً للفشل. ما هي التوضيحات المطلوبة؟ هناك جملة من الأسباب التي تحول دون تحقيق المنتخب لما يريد منه المواطن بالتمام والكمال. فدور المنتخب مرتبط بجهات أخرى إيجابا وسلبا، فهو ليس حرًّا في كل ما يراد منه تحقيقه، ومن ثم فإن هذه الأسباب الحائلة منها ما يتعلق بالمنتخب ومنها ما يتعلق بالجهات الأخرى وهي على الخصوص الإدارة والمواطنون، ثم أن هذه الأسباب صنفان منها ما يليق أن يكون النقص الناجم عنها قابلا للوم والعتاب ومنها ما لا يليق. والصنف الثاني ( ما لا يليق) هو محل التوضيح في الموضوع وهو كالآتي: - أ- ما يتعلق بالإدارة: هناك عاملان إداريان يقيّد الأول منهما دور المنتخب والثاني يعرقله، وهما: 1- العامل القانوني: والمقصود به الثغرات التشريعية التي تجعل المنتخب محدود الصلاحية: فإذا كان تنفيذيا فإن تحركاته مقيّدة بإجراءات معينة، قد تكون لازمة ولكن نتيجة العديد منها تذمر المواطن؛ أما إذا كان غير تنفيذي فهو في النهاية مجرد ملاحظ أو مقترح وليست له في القانون آليات فعالة يمكنه بمقتضاها تحقيق ما يلاحظه أو إنجاز ما يقترحه ، ولا يمكن الخوض هنا في تفاصيل هذه المسألة لطولها وتشعبها، ولكن يكفي فيها القول بأن الجميع يعلم أن المنتخبين المحليين على الخصوص ينتظرون بفارغ الصبر" قانون البلدية والولاية" الجديد متى يرى النور لعلهم يجدون فيه متنفسا وحلولاً لبعض الإشكاليات العالقة. 2- العامل البشري: ويتمثل في ممارسات أعوان الإدارة في مختلف المستويات والمناصب والتي فيها الكثير من العراقيل في طريق إنجاز قضايا ومشاريع المنتخبين سواء أكانت هذه العراقيل غير مقصودة ناجمة عن تهاون أو كسل أو وضع مادي معيّن أو مقصودة ناجمة عن مواقف وحسابات معينة سياسية كانت أو شخصية أو غيرها. و بإمكان أي منتخب أن يذكر عشرات القضايا التي لم يجد لها حلاًّ أو أنها بقيت " تتجرجر" زمنا طويلا بسبب بشري والنتيجة واحدة وهي تذمّر المواطن. ولعلّ المثال الجامع بين العاملين الأخيرين هو وجود العدد الهائل من مشاريع القوانين التي أودعتها المعارضة لدى البرلمان في مختلف العهد وبقيت حبيسة الأدراج، لم تر النور إلى اليوم!!. ب- ما يتعلق بالمواطنين: فعامة الموطنين أيضاً لهم نصيب في كون المنتخب لا يحقق لهم كل ما يطلبونه، وذلك من جانبين وهما: 1- الجهل بحدود صلاحيات المنتخب: مما يجعلهم يطلبون منه ما هو خارج عن دائرة صلاحياته وفوق إمكانياته وبالتالي لا يتحقق لهم ما يردون، فيلومونه. فعلى سبيل المثال لا الحصر: يطلبون من النائب البرلماني حل مشكلة محلية ويجهلون أن دوره تشريعي ، وأنه ليس له في القانون ما يسنده للاتصال بأي مسؤول محلي إلا عن طريق المجاملة والعلاقات الخاصة. هذا إذا كان الأمر المطلوب مشروعا أما إذا كان وساطات غير مشروعة فحدّث ولا حرج؛ ومع ذلك فهي ـ للأسف ـ المحرك الأكبر لغضب الموطنين على المنتخب إذا لم حققها. 2- العصيان وعدم الاستجابة لما يخدم الصالح العام: فعدم وعي السواد الأعظم من المواطنين يجعلهم لا يُقدمون إلا على ما يعود عليهم بالمنفعة بشكل مباشر، ولا يعرفون قيمة التضحية ولا يدركون أن خدمة الصالح العام تعود على الجميع بالفائدة وهم جزء من الجميع، وبهذا يعرقلون عن جهل عمل المنتخب وخاصة على مستوى البلدية التي هي أكثر احتكاكا بهم. ولا شك أن لدى رؤساء البلديات بالذات توجد العديد من الأمثلة لهذا العائق ولعل أقربها وأوضحها عدم استجابة المواطنين لتسديد حقوق الماء وهي التي تبنى عليها نسبة معتبرة من ميزانية البلدية واستفادة المواطنين من مردودها فيما بعد واضحة، ولكن نسبة تحصيل هذه الحقوق لدى عموم البلديات ضعيفة جدّاً؛ مما يجبر بعض رؤساء المجالس على اتخاذ إجراء شرط استخراج بعض الوثائق بإظهار "وصل الماء". سألت يوما أحد الموطنين (عامل يومي) لماذا لا تسدد حقوق الماء للبلدية، ألا تحس بإثم شربه أو استعماله والوضوء به لأنك لم تدفع ثمن خدماته؟ قال لي ( ما معناه): وماذا استفدنا نحن من الدولة إذا لم نغتنم مثل هذه الفرص؟ وماذا تنتظر من مواطن لا يؤمن بالانتخابات أصلا؟ فقد سألت مرة أخرى صاحب سيارة أجرة ( في العاصمة): هل ستنتخب؟ أجابني: لماذا أنتخب وأنا لم يعطوني لا خدمة ولا سكن؟. فمثل هذه الذهنيات وما أكثرها سبب من أسباب عرقلة المنتخب. جـ - ما يتعلق بالمنتخب: المنتخب نفسه له من الأوضاع ما يؤدي إلى نقص في دوره كما يريده المواطن فيكون ذلك سببا للوم الناس له، وهي أوضاع خارجة عن نطاق قدرته ومنها: 1- عدم التفرّغ لهذه المهمة: والمعرّض لهذا السبب بالذات هو المنتخب المحلي غير التنفيذي ( أي من هو ليس رئيسا للمجلس ولا منتدبا فيه) فهو كثيرا ما يتصادف توقيت مهامه الانتخابية مع أعماله في وظيفته بحكم أنه غير متفرّغ فيكون في الغالب مجبراً على تغليب الوظيفة على المهام الانتخابية خاصة إذا كانت وظيفته لا تقبل التغيّب وتؤثر عليها كثرته مثل وظيفة التعليم الذي يتأخر تنفيذ برامجه بالتغيبات وذلك على حساب التلاميذ، كما أن القانون ليس صريحا هنا في ضمان أجرة المنتخب إلاّ ما كان " مزية " من المسؤول الوصي مع إرهاق في تعويض ساعات العمل المتخلفة. وهذا ما يعاني منه أكثر بالأخص أعضاء المجلس الشعبي الولائي ( وأنا منهم) الذين يتحملون مسؤولية عظيمة على مستوى الولاية هي أضخم – من خلال التجربة – من مسؤوليات أعضاء بقية المجالس الدنيا والعليا، ومع ذلك فصاحبها غير مفرّغ، وبالرغم من هذه الوضعية التي لا يحسد عليها تطاله الألسن؛ فلا هو سالم من جانب إدارة وظيفته ولا من جانب زملائه ومسؤوليه في المجلس ولا من المواطنين ولا هو راض عن أدائه ، ألا تستحق حالة كهذا الشفقة!؟!. 2- الخصوصيات: للمنتخب أحيانا أوضاع خاصة قد لا يستطيع التصريح بها يجب أن يضعها العاقل في الحسبان لكي لا يلوم لوما في غير محلّه. قد يكون هذا الوضع الخاص في شخصه لطبع أو علة نفسية أو بدنية تمنعه من الخوض في مسائل معينة أو انتهاج مسلك معين في العمل. وقد يكون في محيطه الاجتماعي حيث تفرض عليه أسرته أو عرشه أو حيّه – مثلا – السير إلى وجهة أو أخرى أو الحياد عنها، سواء عن خطأ أو عن صواب. كأن يمتنع منتخب ما عن التصويت لصالح مشروع معين لأن حيّه يرفضه. وقد حدث هذا فعلا رغم أن المنتخب غير مقتنع بما فعل ولكنه مجبر، ومع ذلك تلومه جهات أخرى غير حيّه. وقد يكون الوضع الخاص في طريقته في العمل أو سياسته التي ينتهجها هو أو حزبه أو في علاقته مع بعض الجهات أو الأشخاص فيحول ذلك بينه وبين التدخل مثلا في قضايا معينة وهي مطلوبة منه. وعموم هذه الخصوصيات تظهر أكثر في حالة المقارنة بين اثنين من المنتخبين أو المسؤولين خصوصًا في عهدتين متتاليتين، فتجد الناس يلومون الخالف بتخلّيه عما تعوّدوه من السالف وهو معيار ليس بالضرورة سليما على الدوام. وهنا نذكّر بمثال ـ ذكرناه في إحدى الحملات الانتخابية تحسبا لحدوث حالة مشابهة ـ وهو أن الفروق الحاصلة بين طابع الحكم لدى كل خليفة من الخلفاء الراشدين ( (لا يقدح في رشادة حكم أي منهم، وبالتالي فإن هذه الفروق لا تصلح أن تكون مدعاة للّوم على أحدهم. هذه الأسباب الستة ليست عامة فقد لا ينطبق كل واحد منها على كل الأصناف من المنتخبين ولا على كل الأشخاص، ولكن أي واحد منها لا يعدم أن يكون وراء نقص من نقائص الدور الذي يراد من أحد المنتخبين أداؤه فيؤدي ذلك إلى لومه وعتابه، وقد عرفنا كيف أن كل نقص ناتج عن سبب من هذه الأسباب لا يليق أن يدفع إلى اللوم لأنه خارج عن نطاق قدرة المنتخب وتحكّمه. وما يتشبث به ويتخذه وسيلة للتشويه والتقريع إلا جاهل أو مغرض.
أما الصنف الآخر من أسباب النقائص التي تحدث في دور المنتخبين والتي يليق أن يلحقهم اللوم بل حتى الشتم بسببها فهي المتعلقة بهم وحدهم والناجمة عن تقصير وتهاون أو اعتداء وتجاوز منهم. وهذا النوع مساحته ضيقة جدّاَ عند منتخب يعرف ربّه ويعمل له، ولا تكون واسعة إلا في نظر المتخصصين في البحث عن العيوب والأخطاء الذين لا يريدون أن يقتنعوا بأن " كل ابن آدم خطاّء" ولكن يبدو أن المشكلة ليست في هؤلاء بقدر ما هي في الذين يعتمدون على الأخطاء الوهمية السالفة الذكر في تشويه المنتخب، لأن هؤلاء علاجهم سهل ويكمن في "خير الخطائين التوابون"أي إذا تاب المقصر أو المتجاوز ينتهي الأمر. ولعلاج المشكلة المذكورة نقترح على عجل ما يلي: - إعلام وتوعية الجماهير والمناضلين بتوضيح هذه الغموضات وغيرها وكثرة الاتصال بهم واستشارتهم. - اعتماد المنتخب في اتخاذ السياسات اللازمة في تحركه على مؤسسات الهيئة التي رشحته حتى يتحمل الجميع العواقب. وفي كل الأحوال علينا أن لا ننسى أن كل ما يعترضنا من صعوبات يدخل في طبيعة الجهاد السلمي ضد الفساد والتخلّف، وهذا ما يجب أن نبرر به ترشحنا ـ أصلا ـ في أوضاع كهذه. ونحتسبه عند الله. وهنا يليق بنا أن نُحييَ على الخصوص رؤساء البلديات الذين نجحوا بجدارة رغم هذه الأجواء وأعيد انتخابهم أكثر من مرّة رغم كل الصعوبات ومنهم يجب أن نستقي الخبرة وندوّن التجربة | |
|