حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: الجزائر في قمة الثماني: من ينصت لصوت إفريقيا؟... بقلم البروفيسور مصيطفى بشير الجمعة يونيو 25, 2010 11:08 pm | |
| تستضيف قمة الثماني -التي ستنطلق أعمالها بعد غد الجمعة بمدينة "أونتاريو" في كندا- الجزائر الى جانب ست دول من القارة الافريقية من بينها جمهورية مصر العربية، نيجيريا وجنوب إفريقيا. وسيمثل الجزائر في هذا اللقاء الدولي الهام رئيس الجمهورية في خطوة غير مسبوقة على هذا المستوى. وسبق القمة المنتظرة في "أونتاريو" اجتماع لوزراء مالية ومحافظي المصارف المركزية لأكبر عشرين دولة في العالم في الخامس من شهر جوان الجاري بمدينة "بوسان" الكورية الجنوبية. وسيعقب القمة مباشرة يوم السبت المقبل اجتماع قمة العشرين الذي ينتظر منه أن يكشف عن قرارات هامة تخص النظامين -النقدي والمالي- العالميين. فماذا يعني أن تدعى الجزائر الى قمة في مستوى قمة الثماني؟ وما المسافة الممكن أن يتخطاها الصوت الإفريقي في الإفصاح عن انشغالات أغنى قارة في العالم على الإطلاق؟ إفريقيا والجلسة الخاصة اقترح اجتماع "بوسان" في كوريا الجنوبية -وهو اجتماع تحضيري ذو طابع تقني عادة ما يسبق اجتماع قمة العشرين- تخصيص جلسة خاصة لبعض الدول الأقل نموا والتي قد تتأثر بأية إجراءات جديدة تخص النظامين النقدي والمالي في العالم مما يعني أن إجراءات مهمة بالفعل قد يتم الكشف عنها خلال اجتماع الثماني دول الصناعية الكبرى في مدينة "أونتاريو"، وتعني الجلسة الخاصة أن يتم الاستماع الى انشغالات تلك الدول في سياق إشكالية التنمية لديها. ولا شك أن الموضوع يتعلق باحتياجات السيولة وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي نفس الوقت بمستوى التقدم التي حققته تلك الدول على سلم معايير استقطاب وتوطين تلك الاستثمارات مثلما أوصت به قمة العشرين السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية شهر سبتمبر الماضي. وتحتل الجزائر المصنفة عالميا ضمن خانة الدول ذات الدخل القومي المتوسط مرتبة متقدمة ضمن النسيج الإفريقي سواء من حيث رقم النمو الكلي الذي يلامس عتبة 4 بالمئة حسب "تقرير آفاق الاقتصاد العالمي 2010" للبنك العالمي، أو قيمة الاستثمارات العمومية التي تتجاوز في المتوسط 58 مليار دولار سنويا على آفاق العام 2014، أو من حيث مساهمتها في التجارة العالمية بنحو 80 مليار دولار سنويا. إضافة الى ذلك فهي مؤسس رئيس لآلية "النيباد" التي تمثل إفريقيا في الشراكة الاستراتيجية مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم ومرشحة لأن تكون دولة ناشئة جديدة أخرى حسب تقرير أخير للبنك العالمي، إضافة الى تأثيرها الدبلوماسي بين دول القارة السمراء. كل هذه المواصفات تدفع الى إشراك الجزائر مباشرة في صياغة نظام نقدي ومالي عالمي جديد متعدد الأقطاب ولو من بوابة الاستماع اليها وإلى حد طلب مساهمتها في إنقاذ النظام التجاري العالمي الذي بدأ يتهاوى أمام معدل الانكماش والذي لامس نهاية العام 2009 سقف 14 بالمئة. وتراجع التجارة العالمية بمعدل 14 بالمئة في ظروف الأزمة الهيكلية التي تمر بها بعض الاقتصاديات الأوروبية بما فيها اقتصاديات منطقة اليورو يعني مرحلة أخرى من الركود قد تمتد هذه المرة الى داخل الاقتصاديات الناشئة نفسها. أحجار على رقعة الشطرنج ومثلما هي لعبة الشطرنج تسير بأحجار كبيرة وأخرى أصغر، كذلك هو النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يراد له أن يتشكل على خلفية صراع الكبار ومشاركة الصغار، وإلا ماذا يعني أن تدعى "مالاوي" و"جمايكا" الى قمة الثماني، وتدعى اليها "أثيوبيا" و"هاييتي" التي تهاوت كلية لمجرد هزة أرضية؟ وبالفعل استبقت الصين أي قرار محتمل ضدها في قمة العشرين بأن سمحت بمرونة "اليوان" العملة الصينية ليرتفع إزاء الدولار لأول مرة في خمس سنوات مخففا بذلك الضغط على الصادرات الأمريكية. ولقاء ذلك ربما تطالب الصين بإلغاء مشروع قرار ينص على فرض ضرائب على أصول البنوك الصافية وعلى نتائجها المالية. قرار لا يخدم المصلحة الصينية لأن بكين لم تكن أبدا مسؤولة عن إفلاس المنظومة المالية الأمريكية، وبالتالي لا يسعها أن تتحمل أعباء إضافية لإسناد ذلك النظام ثانية. وسيتدعم الموقف الصيني هذا بعدم اعتراضها على العقوبات التي أقرها مجلس الأمن ومعه الاتحاد الأوروبي ضد إيران مؤخرا في "بروكسل". وماذا يبقى للدول الصغيرة غير تقديم ما يمكن تقديمه دونما أن تتمكن من أدوات ضغط أو تفاوض فاعلة؟ وما يمكن لتلك الدول تقديمه يتجاوز مشاركتها الرمزية في لقاء الصناعيين الكبار والدول الناشئة حتى تحظى نتائج اللقاء بأقصى شرعية دولية ممكنة، لأنها ببساطة تعطي لأولئك الكبار فرصا إضافية على سلم التبادل غير المتكافئ. فالجزائر لحد اليوم هي سوق مهمة للاستيراد حجمها يلامس 35 مليار دولار سنويا، ونيجيريا تعني امدادات من الغاز رخيص الثمن الى أوروبا يعوضها عن أي إرباك محتمل قد تتسبب فيه قرارات فجائية لروسيا البيضاء بوقف الإمدادات العابرة إليها من روسيا عبر أراضيها، وتمثل جنوب إفريقيا الخزان الأكبر من الذهب والماس والأورانيوم الذي ما تزال الشركات الأمريكية والإسرائيلية تتفنن في استغلاله، أما أثيوبيا فهي السوق الرائجة لتجارة السلاح وعلاجات أمراض الفقر، وتوفر بعض دول الخليج الاحتياطي الأكبر في العالم من النفط ومن العملة الصعبة ومن الصناديق السيادية ومن واردات السياحة. الصوت الإفريقي والصدى المفقود رافع الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" في قمة "فرنسا- إفريقيا" التي انعقدت في مدينة نيس الفرنسية أول هذا الشهر من أجل إدماج إفريقيا في مجموعة العشرين أسوة بالاتحاد الأوروبي، وهذا موقف متين يزيد من حظوظ القارة السمراء في أن تصير شريكا استراتيجيا للدول الكبرى، وربما رافعت الجزائر من أجل ذلك مدعومة بست دول إفريقية أخرى تشارك في قمة "تورينتو" بعد غد الجمعة، وربما تحقق ذلك على خلفية مسعى "النيباد" في تطوير الأداء الإفريقي على الصعيد العالمي، كما أن الوجه المشرف الذي ظهرت به آخر قمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أواخر جانفي الماضي من خلال الملفات التي بحثتها المجموعة الإفريقية يؤهلها لأن تصير ذات رأي في نظام دولي متعدد الأقطاب. فقط يبقى على تلك الدول إضفاء مزيد من الشرعية على حكمها السياسي واعتماد الحكم الصالح كمرجعية رئيسة لكل فعل اقتصادي، والعمل فعلا على مكافحة الفساد من خلال أدوات عمل ملموسة. عندها فقط يمكن للصوت الإفريقي أن يسمع وينصت له في عالم جديد تتقاذفه أزمة هيكلية حادة في النظام المالي الرأسمالي، وعجز متزايد في الاقتصاديات المبنية على الدولار الضعيف.
| |
|