كتب النائب: طاهري بلخير
هناك صنف من النّاس لا يحسن التّفكير إلاّ بصوت عال، و أغلب من يكون هذا شأنهم، فهم أحد صنفين، إمّا أنّه ضعيف الحجّة ويعلم أنّ خصمه لا يقتنع بما يطرحه، و إمّا أنّه يريد أن يفرض رأيه بقوّة الصّوت في مكان قوّة السّوط ( السياط )، وكلا الأسلوبين مجانب ومجافي للصّواب ومنطق الحوار و منطق العقل.
فإنّي تعجّبت و أنا أحد أعضاء كتلة حركة مجتمع السّلم بالمجلس الشّعبي الوطني، للزّوبعة التي أثيرت حول رئيس الحركة أو من يمثّله على مستوى الكتلة، في طرح قضايا الكتلة أبعد عنها و ليس من صلاحيتها ولكن ضعيف الحجّة عندما يصل إلى درجة اليأس يصبح يخبط خبط عشواء و لا يبالي بمن حوله، دون تأنّي و دراسة و تأمّل، و رحم اللّه سيّدنا معاذ عندما جاءه أحدهم و أخذ في شتمه، فقال له عبارة بليغة تصلح أن تكون دستور المتخاصمين، فقال له: « ياهذا إذا شتمتنا فلا تغرق في شتمنا ودع للصّلح موضعا » فإنّ خطّ الرّجعة أمر مهم، و الحفاظ على ماء الوجه، فسيأتي يوم تهدّأ الأنفس وتزول سحابة الصّيف، و لا يبق إلاّ الجرح الذي وقع زمن الفتن. جروح السّنان لها التئام ** و جروح اللّسان مالها التئام
وعليه فإنّي تعجّبت كلّ العجب لما ورد على صفحات بعض الجرائد من أنّ رئيس الحركة فرض على نوابه في المجلس الشّعبي الوطني بالتّصويت مع ضريبة السّيارات، إنّها دعوى كاذبة لا أساس لها من الصّحة، بل العكس هو الصّحيح من خلال المؤسّسات الرّسمية وهي المكتب الوطني والمراسلة المشار إليها كتعليمة من رئيس الحركة التي تنصّ على أنّه يستحبّ عدم التعرّض لهذه المادة لأنّها محلّ توازنات مالية، وكلّ عاقل يعرف مصطلح يستحبّ في اللّغة و في أصول الفقه، و أنّ التّعليمة لم تتعرّض للتّصويت و إنّما للمناقشة ورغم ذلك فإن أغلب النّواب وبالأخصّ منهم أعضاء المكتب الوطني "هم في نفس الوقت نواب بالبرلمان" تدخّلوا في هذه النّقطة بقوّة، و حاولوا إقناع القاعة و الجمهور المتابع لجلسات البرلمان من خلال الشّاشة.
وقُطع الشكّ باليقين في يوم التّصويت عندما صوت كلّ أعضاء حركة مجتمع السّلم البالغ عددهم 51 نائبا، بدون استثناء ضدّ الضّريبة على السّيارات، فلماذا المزايدات ولماذا الكذب المتعمّد بسبق الإصرار والترصّد، لأنّ بعض النواب المُغرّر بهم أبلغناهم بأنّ القناعة عند جميع الأفراد بضرورة التّصويت ضدّ الضّريبة.
ولكنّ العجب كلّ العجب عندما يصوّت بعض هؤلاء الإخوة النواب ممن يدعون الحفاظ على المنهج الإسلامي والقيم الإسلامية يصوّتون ضد المادة 48 مكرّر جديدة التي تنصّ على: « ... منع استيراد و إنتاج و بيع الكحول المستعملة في الخمور. » فأين المنهج و أين الأخلاق و أين التّخندق مع المواطن؟ فإنّ مثل هؤلاء كمثل من استنصحه صديقه وقال إنّي أزني وأخشى أن تحمل التي أزني بها، فقال له النّاصح، ولماذا لا تعزل، فأجابه بكلّ سرعة وحرقة ألا تعلم أنّ العزل مكروه؟ فيا عجب عندما يختلط الحرام بالمكروه والمستحب بالأمر والفرض !
و أخيرا فإنّي أدعو الغيورين على هذه الحركة أن يعودوا إلى رشدهم فالتّغيير لا يكون إلاّ من خلال المؤسّسات الرّسمية القائمة، وقد حملنا شعارا: التّغيير الهادئ الهادف لا الهائج الهاوي
واللّه من وراء القصد وهو يهدي السّبيل