منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت

بسم الله الرحمان الرحيم (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون )) التوبة / 105  
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

     

     ضحايا الشائعات

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    حمس لرجام
    عاملي
    عاملي
    حمس لرجام


    ذكر
    عدد الرسائل : 1902
    العمر : 62
    العمل/الترفيه : الأنترنت
    تاريخ التسجيل : 04/09/2008

    ضحايا الشائعات Empty
    مُساهمةموضوع: ضحايا الشائعات   ضحايا الشائعات Emptyالخميس مايو 21, 2009 12:13 am

    بسم الله الرحمان الرحيم

    مقدمة:بعض النّاس قد لا يصدّقون ما يقوله القرآن الكريم و لا يتأثّرون بما جاء في أحاديث السنّة المطهّرة، و لكنّهم يصدّقون الشّائعات، ويتأثّرون بالأراجيف، والبعض الآخر لا يصدّق إلاّ ما يضرّه من فوالت الأحاديث، فإذا جاءه من يقول له مثلا: إنّ فلانا يذكرك بخير ويثني عليك الثّناء الحسن مصمص شفتيه وهزّ حاجبيه مستغربا وشاكاّ في ما تسمعه أذناه، فإذا جاءته أخبار يتحدّث أصحابها ومروّجوها عن جهات " مقطوعة النّسب" تتحدّث عن فساد فلان ، أو ضلاله، وانحرافه..ما كلّف نفسه لحظة واحدة ليتحقّق أو ليعبد الله بالصّبر و بالسّعي للتّبيّن مع أنّه يدرك أنّ ناقل السّوء " فاسق" بنصّ القرآن الكريم :" يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا.." لكن أصحابنا لا يتبيّنون ولا يحسنون الظنّ بإخوانهم، ويتلقّون ما يسمعون من الشّائعات و كأنّه " تنزيل" ثمّ يبنون على مسموعاتهم قناعات ومواقف يهدمون بها أركان العهد ويقطعون بها أواصر الأخوّة ويشقّون على أساسها الصّفّ فيصيبون قوما بجهالة وبعدها يعضّون أصابعهم نادمين.

    1. حصائد الألسنة: من أخطر الجوارح على صاحبها اللّسان، فهو العضو الوحيد الذي إن لم يضبطه صاحبه بالأخلاق القرآنية و يلزمه الآداب السنيّة يتحوّل إلى " كارثة" حقيقيّة تتسبّب لصاحبها في سبعين(70) مصيبة بعضها عاجل في الدّنيا وأخطرها مؤجّل في الآخرة، وقد يمكن تلخيص هذه المصائب في سبع(07) كبائر تكفي وحدها أن يتّخذها كلّ واحد منّا دروسا تفرض على أصحاب " الألسنة الطويلة" أن يقطعوها أو يبتلعوها أو يقيّدوها أو –على الأقلّ- يضع كلّ واحد منهم تحت لسانه حصاة حتىّ إذا جاءته " شهوة الكلام" خيّر نفسه بين صمت سالم أو نطق غانم: " و رحم الله امرأ سكت فسلم أو نطق فغنم".

    أمّا المصائب، أو الكبائر، السّبع التي يسبّبها كلام اللّسان الفالت فهي:
    - الوقوع في الكذب الذي ينزع عن صاحبه صفة الإيمان، فالمؤمن لا يكون كذّابا.
    - الوقوع في الغيبة التّي تذهب بحسنات صاحبها مهما تظاهر بالصّلاح.
    - الوقوع في النّميمة الّتي تجعل صاحبها موظّفا يحمل بريد الشّيطان.
    - الانخراط في زمرة " ذي الوجهين" الذي ينقل إليك وينقل عنك.
    - احتقار النّاس جميعا للكذّاب والمغتاب والنمّام و" ناقل " النّجوى..إلخ.
    - تحاشي النّاس الجلوس معه وحرمانه من العلاقات السّويّة والجلسات الأخويّة..
    - اكتشاف حالة الإفلاس التّام الّتي كان يعيشها في الدّنيا يوم يأخذ الله حسناته ليردّها لأصحابها ممّن اغتابهم وكذب عليهم ونمّ فيهم و " سلقهم بلسان حادّ شحيح على الخير" فيأخذ " ضحاياه" حسناته " فإن فنيت حسناته ردّت عليه سيّئاتهم فطرحت عليه ثمّ طرح في النّار" كما جاء ذكر ذلك في الحديث الشّريف.
    وهكذا تفهم أنّ اللّسان يودي صاحبه في النّار...
    و يمكنك أن تتأمّل وتتدبّر في كتاب الله تعالى و في سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم تعود إلى كتب الآداب والأخلاق والرّقائق لتقف على خطورة الألسنة السّائبة، وتدرك أنّ " الحرب أوّلها كلام" وأنّ كلّ الجوارح تصبح وهي تستعيذ بالله من شرور اللّسان ، وأنّ أكبر ما يكبّ النّاس على وجوههم في النّار إنّما هي حصائد ألسنتهم.
    لقد قال علماؤنا كلاما نفيسا في تربية اللّسان أو في " لجمه" عن الخوض مع الخائضين حريّ بكلّ من يخاف الله واليوم الآخر أن يطّلع عليه ويتّخذه وصفة طبيّة من حكماء ومجرّبين يلزم بها نفسه كما يتنفّس لعلّه يتخطّى الأخطار الماحقة الّتي يجرّها حصائد الألسنة على أصحابها ، لولا خشية الطّول لنقلت فصولا مهمّة من هذه الحكم الشّافية ليدرك إخواننا وأخواتنا العاملين في صفوف الفضيلة والطّامعين في عفو الله والطّامحين إلى مقامات عالية في الجنّة، يدركون جميعا أنّ للّسان ثلاث صفات مدمّرة وثلاث صفات معمّرة وبين التّدمير والتّعمير يعيش الإنسان في خطر مستطير.

    أما الصّفات المعمّرة فهي:

    - أن يرطَّب اللّسان بالذّكر والشّكر والحمد..و كلّ ما هو سبب في ترطيبه.
    - أن يتعلّم الصّمت و يدرك أنّ الصّمت تسبيح يشيعه فكر طويل و تأمّل أصيل.
    - أن يزن الكلام بميزان الذّهب الإبريز فلا يقول إلاّ ما ينفع ولا يتحرّك إلاّ بما يشفع عند النّاس وساطة خير وعند الله إصلاح ذات بين.

    وأمّا الصّفات المدمّرة فهي:

    - قيل وقال وكثرة سؤال.
    - حديث كاذب وخصومة فاجرة.
    - طبع فاسد ولسان حاصد.
    و المحصّلة النّهائية من حصائد الألسنة (في القرآن والسنّة كما في الأخلاق والآداب والرّواية بإجماع الأمّة) هي أنّ اللّسان نصف الإنسان، وأنّ الأقوال نصف الأعمال: " ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين" قول حسن باللّسان وفعل صالح بالأركان، بعد إيمان صادق بالجنان.
    ولعلّ هذا المعنى القرآني الجليل هو السّبيل الّذي يترجم جزءا من التّحدي الواعد الّذي رفعه الرّسول صلى الله عليه وسلّم عندما قال لأصحابه، ولنا نحن من بعدهم : " من يضمن لي ما بين لحييه(لسانه) وما بين فخذيه(فرجه) أضمن له الجنّة" وبهذا تفهم معنى " أمسك عليك لسانك.." وتدرك مخاطر اللّسان وعواقب الكلام السّائب..، وقد عبّر عن ذلك المعنى حكيم الجاهلية زهير بن أبي سلمة:

    لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * * * فلم يبق إلاّ صورة اللّحم والدّم


    3.حكم بالسّجن المؤبّد: السّجن معناه حبس المجرم وحرمانه من حقوقه الأساسيّة ووضعه في حيّز محدود بعيدا عن النّاس عقوبة له عمّا اقترفه في حقّ نفسه وفي حقّ المجتمع، والجريمة عادة ما يكون أوّلها كلاما، لذلك فسجن اللّسان أولى من سجن الإنسان لأنّه" المجرم" الحقيقي الذي أهلك الحرث والنّسل، ولا شيء أحقّ بطول سجن من اللّسان، ولو كنت قادرا أن أغيّر القوانين لاقترحت قانونا يقطع ألسنة المتحدّثين بالسّوء بعدما أقسّم النّاس وفق ما يتحدّثون به إلى أربعة أقسام لا خامس لها:

    - قسم الحكماء والدّعاة والمربّين.. الّذين إذا تكلّموا نفعوا وإذا سكتوا وعظوا، وهؤلاء هم المحسنون.
    - قسم الصّامتين الّذين يعظون النّاس بطول الصّمت فإذا نطقوا برُّوا المتحدّثين، وهؤلاء هم النّاجون.
    - وقسم الثّرثارين الّذين إذا نطقوا فجروا وإذا سكتوا همزوا ولمزوا، وهؤلاء هم حثالة النّاس.
    - وقسم الكذّابين الّذين إذا لم يجدوا من يكذبون عليه كذبوا على أنفسهم، وهؤلاء هم أراذل القوم.

    وسوف لن تجد البشريّة عنتا كبيرا في الحكم على القسمين الأوّل والثّاني بتبوّإ الصّفوف وتربية الأجيال وتصدّر المجالس.. أمّا القسمان الثّالث والرّابع فإنّه لا مكان لهما إلا ّفي " صقر وما أدراك ما صقر لا تبقي ولا تذر".
    والغريب أنّ عدد الحكماء قليل، وأقلّ منهم الصّامتون، وما أكثر الثّرثارين في زماننا، أمّا الكذّابون فقد راجت أسواق بضاعتهم في أيّامنا هذه وساعدت الصّحف السيّارة وصحف الإثارة على التّرويج لهذه البضاعة رغم كسادها في السّوق الإسلاميّة، فصار الحقّ متّهما والباطل ضحيّة، وصار الصّدق تهمة يعاقب صاحبها بالحرمان من الشّهادة ضدّ الفساد لأنّه منع نفسه من غشيان مجالس " كلّ حلاّف مهين همّاز مشّاء بنميم.." ولم يعد في زماننا مكان في صدارة المجالس إلاّ لثلاث:

    - صاحب مال وثروة يهرف بما لا يعرف والنّاس من حوله على رؤوسهم الطّير.
    - وصاحب جاه وحظوة يشدّ النّاس إليه الرّحال ويتسقّطون منه الغمزة و يتصيّدون الإماءة.
    - وصاحب سلطان وسطوة يردّد على الملإ مقاله:" ما أريكم إلاّ ما أرى".

    وبين مجالس الثّلاثة ضاعت القيم وانهارت المبادئ وساد القوم أخبار هاروت وماروت اللّذين ما زالا يعلّمان النّاس السّحر و " ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان" فتشيع الفاحشة في الّذين آمنوا ولا علاج إلاّ أن يصدر الضّمير الإنسانيّ في حقّ الثّرثارين والكذّابين حكمين صارمين:
    - حكم على اللّسان الثّرثار بالسّجن المؤبّد.
    - وحكم بتحريم كلّ أشكال " الكولسات" لأنّها نجوى، والنّجوى من الشّيطان

    فإذا تمّ إنفاذ هذين الحكمين استراح المجتمع من جرائم طول اللّسان ومن الجنح الجارحة للكرامة الّتي يرتكبها أصحابها في خلواتهم عندما لا يستطيعون مواجهة المجتمع ولا يقدرون على زرع بذورهم في نور الشمس فيختفون وراء أوهام: " ليوسف أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة" ويبنون على هذا الوهم خطّة " تدمير" أعظم مؤسّسة وهي الأسرة ثم- من ورائها - البشرّية كلّها بدءا بالاحتيال على ربّ الأسرة (أبيهم) ليسلّمهم فلذّة كبده " يرتع ويلعب" ومن حيلة أخذ" البراءة" من أحضانها الدّافئة إلى رميه في عمق البئر إلى اتّهام والدهم بالضّلال المبين والضّلال القديم، وغمز أخيهم بالسّرقة "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل"..إلخ.

    وعندما حزّبتهم الخطوب، اكتشفوا أنّ الكذب على الذّئب وتعفير القميص بدم كذب و " الإجماع" على أن يرموا أخاهم في غيابات الجبّ...كلّها أساليب دنيئة لا تصمد كثيرا أمام زحف المجاعة (الرّوحية ، والفكريّة، والماديّة) الّتي اضطرّتهم إلى شدّ الرّحال إلى من تآمروا عليه ذات يوم وكذبوا عليه وعلى والده وخدعوه وهو نظيف السّريرة سليم الصّدر..ثم تلوك أفواههم سيرته وتستخفّ بمشاعر الوالد المفجوع، ويا ليت هذه " العنتريات" دامت وصمدت أمام زحف السّنوات العجاف، إذ سرعان ما دارت عليهم الدّوائر و انهارت معنويّاتهم وظهر عوارهم وانكسرت عنجهيّاتهم وقالوا بلسان حقير:" جئناك ببضاعة مزجاة" وطلبوا الصّدقة:" وتصدّق علينا"..بل صار أخوهم اليوم في عيونهم عظيماـ بعد أن هان عليهم بالأمس فرموه في البئر، وهاهم اليوم يجلّونه ويستعطفونه ـ و يقولون بلسان منكسر ذليل:" يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّر..".
    وما أقلّ حياء أصحاب الأسنة الطّويلة؟؟
    إنّ ما أريد الوصول إليه هو درسان بليغان:
    - الأوّل: أنّ الكلام رصاص قاتل يصدر عن شرار النّاس ضدّ من هم من الأخيار ولو كانوا محسنين، وانظر إلى ما تلفظّ به بعض إخوة يوسف في حقّ أخيهم وهو الّذي وفىّ لهم الكيل وتصدّق عليهم وأكرم مثواهم وردّ إليهم بضاعتهم وأحسن إليهم..ومع ذلك قالوا:" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل" وهم كاذبون و" مهندسون" للكذب ضدّ من هو صاحب الفضل عليهم، والعلاج القرآني هو أن تكتم ما بدخيلة نفسك:"فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم"، هكذا فعل يوسف عليه السّلام واكتفى بأن يردّد في أعماق نفسه الكاظمة لغيض ما يصدر من إخوته:"أنتم شرّ مكانا والله أعلم بما تصفون".
    - الثّاني: إذا كانت الرّصاصة الفالتة تصيب نفرا أو نفرين فإنّ الكلام الفالت يصيب الكرامة والخلق والشّرف والنّفس والضّمير..بل يصيب كل ّما هو جميل ويشجّع مرضى القلوب على أن يتحدّثوا بالسّوء في الأطهار والأشراف ويوجّهون إليهم التّهم الجزافيّة الّتي قد تقضي على حاضر النّاس ومستقبلهم، وتأمّل ما أشاعته نسوة في المدينة عندما روّجن بألسنتهنّ " دعاية" لا أساس لها من الصّحّة تطعن في شرف من شهدت له صاحبة الدّعاية نفسها- أمام نسوة المدينة- معترفة أنّه ليس بشرًا بل هو ملك كريم بعد أن راودته عن نفسه فاستعصم بالله، ومع ذلك شاعت الدّعاية وانتشرت ولاكتها الألسن:" وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نّفسه قد شغفها حبّا إنّا لنراها في ضلال مبين".
    - و ما أجمل أن نتّعظ بسير الأوّلين، والأجمل منه أن نتخلّق بأخلاق القرآن الكريم فنمسك ألسنتنا عن قالة السّوء ونربأ بأنفسنا أن نتحوّل إلى أشباه " نسوة في المدينة"..

    الخلاصة:لقد قضى يوسف عليه السّلام سنوات عديدة- قيل 07 وقيل09سنوات- في السّجن بتهمة باطلة روّجت لها " نسوة في المدينة" وتلقّفها الرّأي العام بوسائط إعلاميّة متطوّعة لنقل أخبار السّوء مجّانا، ولم تشفع له نبوّة أبيه ولا مستقبله النّبوي بعد أن يحصحص الحقّ، ولذلك رفض مغادرة السّجن قبل أن تظهر براءته وتشيع أخبار ردّ الاعتبار في النّاس عندما يسأل العزيز النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ..وهكذا..فكيف ـ والحال هذه – أن يتبرّم شخص آخر، مهما كانت مكانته ومنزلته، إذا رمته الشّائعات بأبشع من كلمة:" ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه"؟ وكيف يحزن كائن بشريّ على ما يقال فيه وهو يدرك أنّ " كلام النّاس" قد استهدف الأنبياء والمرسلين والشّهداء والصدّيقين..وكلّ من أنعم الله عليهم.

    إنّ عزاء ضحايا الشّائعات يكمن في تجسيد حكمة تقول:" كونوا كالشّجر يرميه النّاس بالحجر فيرميهم بأطيب الثّمر".

    والله المستعان


    منتديات حمس لرجام
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    حمس لرجام
    عاملي
    عاملي
    حمس لرجام


    ذكر
    عدد الرسائل : 1902
    العمر : 62
    العمل/الترفيه : الأنترنت
    تاريخ التسجيل : 04/09/2008

    ضحايا الشائعات Empty
    مُساهمةموضوع: المنشقون : المسوّغات العلنية والخلفيـات الحقيقية   ضحايا الشائعات Emptyالخميس مايو 21, 2009 12:17 am

    بسم الله الرحمان الرحيم


    الحركات الكبرى ومنها حركة مجتمع السلم المرشحة للتمكين ينبغي أن تتعرّض بين الحين والآخر للامتحانات والابتلاءات والتمحيص "ولنبلونّكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين"
    وقد سبق للحركة أن عرفت في عهد الشيخ محفوظ نحناح ــرحمه الله ــ انشقاقا في التسعينيات عند تأسيس الحزب طال 50% منها ، إذ كانت الحركة تدار من خلال ست جهات موزعة على 48 ولاية وانسحب من الحركة قيادات 3 جهات "الوسط، الغرب، والشرق "، كانوا أعضاء في المكتب الوطني وفي مجلس الشورى الوطني ، ولكن للإنصاف فإن هؤلاء الإخوة انسحبوا في صمت ولم يفجروا في الخصومة وتعاملوا مع الحركة بمنطق
    "ولا تنسوا الفضل بينكم" وظل التّواصل الأخوي قائما معهم إلى اليوم.
    وفي الحقيقة ما كنّا لنتناول الإخوة المنشقين حاليا لو لم يتعرضوا للحركة بالنّقد والتّجريح وكيل الاتهامات عبر وسائل الإعلام، لأنّنا نؤمن أنّ الإسلام والجزائر يسعان الجميع كما جاء في بيان "المكتب الوطني ومجلس الشورى الوطني"، وإذا كان لا إكراه في الدّين فمن باب أولى لا إكراه في السّياسة والتحزّب، ولكن تفنيدا للمسوّغات التي تحجّج بها هؤلاء لتبرير الانشقاق، فقد كالوا للحركة 36 تهمة في بيان تأسيس الهيئةالجديدة، وكأنّ الحركة التي تربّوا في أحضانها وأصبحوا بفضلها وزراء ونـــــــواب وقيادات كلّها سوءات وعورات، وليس فيها أدنى خير فأين الوسطية والاعتدال؟
    هاته التهم يمكن تلخيصها في خمس اتهامات كبرى لا تصمد أمام المعطيات الحقيقية:

    1- الانحراف عن نهج الشيخ: محفوظ نحناح ـــ رحمه الله ـــ دون أن يذكروا طبيعة هذا الانحراف، في أي دائرة هو ؟ هل هو في دائرة الفكر أم في دائرة السياسة ؟ أم في التّربيـــة أم في التنظيم ؟، فالشيخ محفوظ نحناح كان حين يُسأل عن المرجعية كـان يقول دائما أنه يستقي من عدّة مرجعيات منها الحركة الـــوطنية التي انتسب في صغره إلى مدرسة الإرشاد التي أسّسها حزب الشّعب الجزائري، كما يستقي من جمعية العلمــاء المسلمين الجزائريين، ومن مدرسة الإخوان المسلمين وفكر مالك بن نبي وكل التّجارب الإنسانية النّاجحة ، إذ «الحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أحق النّاس بها» ، وقد ضمن هذه الأفكار في كتابه الشهير «الجزائر المنشودة المعادلة المفقودة »الإســلام الوطنية والديمقراطية، وكانت أمنيته أن تتآلف هذه الثلاثية الذهبية ولا تتنـافر ، وحاول أن يجسّدها عمليا في الائتلاف الحكومي الذي يضم التيارات الثلاث الإسلامي، الوطني والديمقراطي، والذي رقي في عهد الشيخ أبو جرة سلطاني إلى تحالف رئاسي، وهو ماكان يتطلّع إليه الشيخ محفوظ نحناح ــ رحمه الله ــ لقد اختلف الشيخ محفوظ نحناح ــرحمه اللهــ مع الإخوان المسلمين مرتين مرّة حين أشـاروا عليه أن يتفاهم ويتحالف مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ومرة حين اعترضوا على ترشحــه لرئاسيات 95، كما أكّد ذلك المرشد العام في جريدة الشروق، ولكن ظل متمسّــكا برأيه وأثبتت الأيّام صحّة اجتهاده وصدق وطنيته ونفاذ بصيرته وســداد رأيه، دون أن يفضي هذا الاختلاف إلى شنآن بل ظلّ التّواصل والتّآخي قائما، علما أيضا أنّ هؤلاء الإخوة المنشقين كانوا أعضاء في المكتب الوطني ومجلس الشورى الوطني خلال الخمس سنوات المنصرمة وهو المكان الطبيعي والشرعي والقانوني للنّقد والتّقويم والتّسديد واتّخاذ القرار، ولكن لم يحدث ولا مرّة واحدة أن تطرّقوا لهذه الانحرافات التي اكتشفوها اليوم فجأة، وأصبحوا يتناولونها في البيوتات المغلقة والمقاهي وعلى صفحات الجرائد وهي نفس الاتهامات التي كان يرددها الذين انشقوا في التسعينيات في عهد الشيخ محفوظ نحناح ـــ رحمه الله ـــ ورغم أنّ الحركة ليست مبرأة من الأخطاء في التّصريحات والمواقف والممارسات ولكن هذا لا يرق إلى مستوى فتنة الصف وكان يمكن معالجة هذا الأمر في المؤسّسات الشرعية.

    صحيح هناك أخطاء في الحركة ، ولكن الانحراف الحقيقي هو:
    -العمل الموازي والانشقاق.
    -إنشاء هيئات موازية للحركة.
    -كيل التهم والإشاعات والغيبة،

    ثم إنّ الشيخ محفوظ نحناح ـــ رحمه الله ـــ لم يكن طعّانا ولالعانا، لأنّه ينتمي لمدرسة الإسلام أوّلا ومدرسة الإخوان التي تنأى بنفسها عن التجريح في الهيئات والأشخاص والشيخ أبوجرة سلطاني لم يستحدث أيّ تغيير لا في نهج الشيخ محفوظ نحناح ولا في الفكرة ولا في السّياسة ولا في التّربية ولا في التّنظيم، اللهـــم إلاّ ما كان في الأداء والأسلوب، أمّا الأخطاء فهي من طبيعة البشر، كـانت سابقـا وموجودة حاليا وتكون مستقبلا، فكل بني آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون.


    2. تدنّي وتراجع شعبية الحركة :وهذه مغالطة كبرى لا تصمد أمام الأرقام ، فالأرقام كما يُقال صمّاء وعنيدة لا تقبل الجدل، لاسيما إذا كانت موثّقة ومشاعة وفي متناول الجميع ، لقد تراجعت الحركة في 2002 -إذ حازت على 500 ألف صوت ــ بنسبة 80% مقارنة برئاسيات 95 التي حاز فيها الشيخ محفوظ نحناح على زهاء 3 ملايين صوت ، ولكن خلال عهدة الشيخ أبو جرة سلطاني وان لم تسترجع وعاءها المنشود إلاّ أنها عرفت نموا بلغ أحيانا قرابة 100 %إذ ارتفع الوعاء الانتخابي من 500 ألف صوت حازتها في 2002 إلى قرابة 1 مليون صوت في 2007 ،وارتفع عدد النواب من 38 نائبا إلى 51 نائبا ، وعدد البلديات التي تسيرها الحركة ارتفع من 35 إلى 105 بلدية وعدد المنتخبين من 1100 منتخبا إلى 1800 منتخبا ، وعدد المجالس الولائية من لاشيء إلى 03 مجالس ولائية ، فضلا عن آلاف المنخرطين الجدد في صفوف الحركة.

    3- تزوير القانون الأساسي :لقد حدثت ثلاث اقتراعات خلال المؤتمر كانت كلها لصالح الشيخ أبو جرة سلطاني ، فمن بين 1400 مندوبا جرت ثلاث جولات من الاقتراع بين رفع الأيدي والاقتراع السرّي:

    الاقتراع الأوّل كان الفارق لصالحه بقرابة 150 صوتا ، ثم ارتفع الفارق في اقتراع سرّي استغرق 7 ساعات وكان شديد الصرامة إلى قرابة 300 صوتا ، ثم تجاوز الاقتراع الثالث 400 صوتا ، وهذا الذي دفع الأخ عبد المجيد إلى الانسحاب وليس التنازل كما يروج في وسائل الإعلام بعد التيقن من الخسارة ، فلماذا يلجأ الشيخ أبو جرة سلطاني إلى التزوير إذا كان يملك هذه الأغلبية المريحة التي تمكنه من تمرير أي بند أو تغيير في القانون الأساسي دون اللجوء إلى التزوير ، ثم إنّ المواد التي يتحدث عنها هؤلاء الإخوة هي مواد ثانوية جدا ،مثل في حالة الحل الإرادي تؤول ممتلكات الحركة إلى جمعية وطنية بدل جمعية الإرشاد والإصلاح ، وكل ما في الأمر أنّ هناك خمس مواد أحيلوا على النظام الداخلي الذي هو من اختصاص مجلس الشورى الوطني يتصرّف فيها كيف يشاء تحويرا أو تغييرا وليس مجبرا أن يضمنهم النظام الداخلي. مسألة أخرى متعلقة بعضوية رئيس الكتلة في مجلس الشورى الوطني بالصفة ، إذ رأى مجلس الشورى الوطني اجتهادا منه أنّ هذه الصفة تنطبق على شخصين لان البرلمان يحتوي على غرفتين ولا تنطبق على شخص واحد فقط وتبقى هذه المواد محل قراءة للقوانين وتفسيرا لها وليس تزويرا.

    4- النّقطة المتعلقة بالإقصاء والتّهميش: هناك 26 أخ قيادي من أنصار الأخ عبد المجيد ترشّحوا ولم ينتخبوا في مجلس الشورى الوطني من قبل المناضلين في ولاياتهم ، وهذا ليس إقصاء بل هو انتخاب شوري ديمقراطي يقتضيه التّداول والتّشبيب والشّورى والدّيمقراطية، وقد حدث في مؤتمر 98 أن غير الشيخ محفوظ نحناح كلّ المكتب التّنفيذي الوطني بما فيه جميع المؤسّسين تاريخا ولم يبق إلاّ عضوين من المكتب القديم ، دون أن يعتبر الإخوة هذا إقصاء أو تهميشا.

    5- تهمة الارتماء في أحضان النّظام :، وهي تهمة قديمة وصمت بها الحركة في عهد الشيخ محفوظ نحناح ، وأنّ نهج المشاركة لم يبتدعه الشيخ أبو جرة سلطاني وإنّما هو خيار استراتيجي انتهجته الحركة منذ التسعينيات وله اكراهات كثيرة ارتضتها الحركة من أجل أهداف إستراتيجية، إذ كثيرا ماكان الشيخ محفوظ نحناح يردّد نحن في الحكومة ولسنا في الحكم، وإذا كانت بعض الأخطاء في الممارسة لبعض الأشخاص فإنّها لا تبرّر الانشقاق وكان يمكن أن تعالج في الأطر الشرعية للحركة علما أنّ الأخ عبد المجيد كان قد قيّم باعتباره رئيس المجلس السياسي، قيّم عهدة الرئيس بوتفليقة تقييما سلبيا جداّ ونشر على موقع الحركة ، ووصف من يساند الرئيس بأنهم شيا تين ثم انقلب على هذه المواقف فجأة وب 180 درجة ، وأيد التّعديل الدستوري وساند الرّئيس وحاول أن يساهم في تنشيط الحملة الانتخابية ، فمن الذي تغير الرّئيس أم الموقف؟

    إنّ الانشقاق الذي تتعرّض له الحركة ليس نزيفا كما تُروّج لها بعض وسائل الإعلام، وإنّما هو أشبه ما يكون بالحجامة للتخلّص من فائض الدّم كي يجدّد المرء من خلالها دورته الدموية ويستعيد عافيته ونشاطه، أو زكاة ظاهرها نقصان وحقيقتها نماء وبركة، فهذا الانشقاق ليس حديثا وإنّما يعود إلى غداة المؤتمر الراّبع ولم يلتحق بالكيان الجديد في حدود علمنا أيّ مناضل أو مناضلة، إلاّ من التحق سابقا غداة المؤتمر.

    وهذا الخروج أو التّمظهر بعدّة أشكال هو لإيهام الرأي العام بأنّ هناك نزيف يومي يتمظهر بعدّة أشكال مثل استقالة المرء من مجلس الأمّة بهذه الصفة، ثم بصفة المنتخب، ثم كعضو في مجلس الشّورى الوطني، فكمناضل، فهو في الحقيقة واحد ويتمظهر في مظاهر عدّة، أشبه ما يكون بالأرز الذي يصنع منه الاندونيسيون عشرات الألوان والأشكال من الحلويات. والحقيقة أنّ الأسباب الخفية للانشقاق غير تلك المعلنة، لقد صـرّح بعـض رؤوس الانشقاق قبل المؤتمر أنّه إذا فاز أبو جرة سلطاني بعهدة ثانية سيغادرون الحركة، ممّـــــــا يعني أنّهم يتنصلون من استحقاقات الشورى والديمقراطية ويرفضون الاحتكـام إلى قرار المناضلين الذي ينبثق عن صندوق الاقتراع إذا لم يكن لصالحهم.

    أما ورقة الإخوان فقد كانت مبيتة قبل المؤتمر، وبالتالي قبل ما سمي بوثائق لندن ولاهور واسطنبول، إذ كانوا يردّدون قبل المؤتمر خذوا الحزب ودعوا لنا الإخوان ، وأثنـــــــاء المؤتمر حين دخل مرشحهم القاعة البيضاوية هتفوا جميعا حركة إخوانية وكـأنّ أنصار الشرعية ليسوا إخوانا،والحقيقة أنّ هؤلاء الإخوة يعتقدون أنّهم أولى بالحركة وأجدر بقيادتها من غيرهم ، فإذا لم يفوزوا في المؤتمر وتعذر أن يكونوا رؤوسا في الحركة سينشئون كيانا جديدا يكونوا فيه رؤساء، فهذا هو سرّ الانشقاق وما عدا ذلك مجرد إنشاء.


    بقلم : محمد جمعة



    منتديات حمس لرجام
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    ضحايا الشائعات
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات حركة مجتمع السلم لرجام - تيسمسيلت  :: منتدى نشاط الحركة :: قسم أبناء الحركة-
    انتقل الى: