أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية لـ «العرب»:
تجميد مهدي عاكف مكتب الحركة في الجزائر قرار حكيم
الجزائر - حسين بوجمعة
يتحدث أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم «حمس» التي تمثل تيار الإخوان المسلمين بالجزائر، في هذا الحديث الذي خص به صحيفة «العرب» عن ظروف وواقع ومستقبل الحركة بعد إعلان عدد من القيادات والمناضلين الانشقاق وتأسيس حركة موازية أطلق عليها «الدعوة والتغيير»، كما اعتبر قرار المرشد العام للإخوان المسلمين مهدي عاكف تجميد مكتب الجزائر بالحكيم، لأنه قطع الطريق أمام المتاجرين بعواطف الإخوان والمتحدثين باسمهم. وهون من أمر وجود عدد من المؤسسين الأوائل ضمن المنشفين، بقوله: إن المزايدة بالمؤسسين الأوائل قصة انتهت، فلم يؤسس هذه الحركة إلاّ رجلان فقط هما الشيخان محفوظ نحناح ومحمد بوسليماني، أما البقية فكانوا أنصارا أو متعاطفين. كما أبدى اعتراضه على الداعين لحل ثالث من أجل لم شمل إخوان الجزائر، لأن ذلك برأيه هو هروب إلى الأمام وتأجيل لانفجار أقوى، لكنه أوضح أن باب الحركة يبقى مفتوحا للخارجين عنها، وأن الصلح يبقى قائما.
كما كشف عن خلفيات طلب إعفائه من منصب وزير دولة في الحكومة الجزائرية، وشدد التأكيد على أن خروج جماعة من القياديين وأصحاب الصف الأول، لن يؤثر على تواجد «حمس» في الحكومة ولا عن تحالفها مع أكبر حزبين بالجزائر في مساندة الرئيس بوتفليقة.
¶ تمر حركة «مجتمع السلم» منذ تأسيسها سنة 1991 كحزب سياسي تحت تسمية حركة المجتمع الإسلامي «حماس» مرحلة حرجة بفعل انشقاق عدد من قياديها ومناضليها عنكم وتأسيسهم حركة الدعوة والتغيير، ألا يؤثر ذلك برأيكم على توازن وقوى ومواقع الحركة في الساحة السياسية الجزائرية، على غرار انخفاض أسهمها في التحالف الرئاسي المساند للرئيس بوتفليقة؟
- بسم الله، وبعد، ما يحدث من حراك داخل حركة مجتمع السلم دليل على ما تزخر به من قيادات وموارد بشرية وطاقات تعددت آراؤهم وتنوعت مقترحاتهم وتشعبت مشاربهم الثقافية والفكرية، ومع أننا ننتمي جميعا إلى فكر الوسطية والاعتدال، إلاّ أن التجربة السياسة قد شكلت في كيان الحركة ما يشبه التيارات السياسية، ربما سبب اتساع شبكة العلاقات التي نسجتها بعض قيادات الصف الأول، لاسيما السادة الوزراء السابقون والنواب في الغرفتين، مما جعل الآراء تتنوع وتصل أحيانا إلى درجة الاختلاف. قد كان هذا منذ زمن الشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله). فأنا شخصيا لست ضد التنوع في الرأي لأنه يثري التجربة وينميها، ولكني ضد من يريد أن يحول رأيه إلى قرار أو يفرض توجهات من خارج مؤسسات الحركة وخارج الأطر الشورية، فأنا أشجع أصحاب الآراء الحرة وأدعوهم إلى طرحها داخل المؤسسات، وأقول للذين يحاولون الطيران خارج السرب إن الحركة بمؤسساتها تعمل ضمن أطرها الشرعية ولوائحها وتحالفاتها، ومازالت وفية لالتزاماتها في التحالف، والتحالف يقوى وعلاقاتنا بشركائنا تتوسع وتتعمق ولم تتأثر بما يجري داخل الحركة من تدافع.
¶ وهل طُرح ما يجري في «حمس» داخل التحالف الرئاسي؟
- لا، هذا شأن داخلي لا علاقة له بالتحالف، ومعالجته تتم داخل مؤسسات الحركة وفي إطار لوائحها وقوانينها، مع أن حلفاءنا مهتمون بما يجري داخل الحركة لأن استقرار الحركة جزء من استقرار التحالف واستقرار التحالف جزء من استقرار الجزائر.
¶ يتهمكم خصومكم في حركة الدعوة والتغيير، بالابتعاد عن المرجعية والنهج الذي رسمه مؤسس «حمس» الراحل محفوظ نحناح، والانفراد بالرأي وإبعاد كل المتمسكين بالخط الذي رسمه المؤسسون الأوائل، فما ردكم على ذلك؟
- المزايدة بالمؤسسين الأوائل قصة انتهت، فلم يؤسس هذه الحركة إلاّ رجلان فقط هما الشيخان محفوظ نحناح ومحمد بوسليماني (عليهما رحمة الله)، والبقية كانوا أنصارًا أو متعاطفين، أما ما نسمعه من كيل تهم للحركة فهي اسطوانة قديمة، وهي ذرائع الراغبين في التملص من الالتزامات التي تقررها مؤسسات الحركة، وقد طلبنا من بعض هؤلاء أن يوضحوا لنا طبيعة هذا الانحراف ويبينوا لنا مواقع الخطأ فلم نتلق جوابا إلاّ المزيد من التهم التي بدأ الزمن يتولى كشف زيفها، وجماعة الصلح تعرف ذلك.
¶ من جماعة الصلح؟
- هم ثلة من إخواننا وشيوخنا وعلمائنا حملوا على عاتقهم مهمة السعي لإصلاح ذات البين، وقد كان بعضهم يعتقد أن ما قيل فينا صحيح فلما جلسوا إلينا وحاوروا بعض أبناء الحركة تبين لهم أنها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، مما جعلهم يقفون هذا المسعى، ويوسعون الفكرة إلى من هو راغب في الصلح ووجهوا نداء طيبا يدعون فيه إلى وحدة الكلمة ورص الصف.
¶ يقال إن ردكم كان سلبيا على النداء الذي توجه به أكثر من 100 قيادي، من بينهم الوزراء الأربعة للحركة في الحكومة الحالية وعدد من المؤسسين الأوائل، من أجل وحدة الصف وعقد مؤتمر للتوافق، فما خلفيات قراركم؟
- بالعكس، تلقينا النداء بصدر منشرح وشكرنا أصحابه وشجعناهم واستقبلنا ممثليهم رسميا في مقر الحركة وشرحنا لهم وجهة نظرنا وأعلمناهم أننا ملتزمون بكل المتفق عليه، وأننا جاهزون لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه مع العلماء والشيوخ، في مبادرة للصلح التي كان قد تقدم بها إخوان لنا في الداخل والخارج، ونحن إذ نشكر كل من ساهم في وحدة صف الحركة وتقوية مؤسساتها، فإننا نقر لهم بفضل الحرص على وحدة صفنا وجمع كلمتنا ونشكرهم على الرعاية التي نحظى بها عندهم، لأن الحركة لم تعد ملكية لمناضليها في الجزائر فحسب، بل صارت «وقفا» لجميع أبناء الحركات الإسلامية في العالم بأسره.
¶ دعا مؤخرا القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين كمال الهلباوي، إلى تأسيس قيادة بديلة عنكم وعن حركة الدعوة والتغيير المنشقة، من أجل تسيير أمور الحركة لفترة انتقالية، معتبرا ما يحدث لحركة «حمس» هو ناتج عن ضعف في فهم المفاهيم، مثلما تحدث عن ذلك مؤسس الإخوان حسن البنا، والنتيجة هي ضعف صف إخوان الجزائر، فما موقفكم من هذه الدعوة؟
- الدكتور كمال الهلباوي أستاذ قديم وتقلد مسؤوليات ثقيلة في تنظيم الإخوان وجرب ما نحن فيه، وهو يدرك جيدا أن الدعوة إلى تأسيس جماعة ثالثة معناها التمهيد لميلاد جماعة رابعة وخامسة وسادسة، والأصل أن ندعو الأفراد الغاضبين والمنشقين إلى الالتحاق بالمؤسسات بدل أن ندعوهم إلى الخروج منها لتشكيل كيان ثالث، ولم أسمع في حياتي عن تنظم انشق عنه بعض الأفراد فتم حل المؤسسات الشرعية لحساب تأسيس جديد واعتقادي أن ما يجري في الجزائر له خصوصية جزائرية لا يمكن معالجتها إلاّ بحل جزائري وفي الجزائر، مع الاستئناس طبعا بآراء كل العلماء والشيوخ وأهل التجربة في البحث عن أفضل السبل لإحياء الربانية وتوحيد الصف ورد إلى المؤسسات الشرعية وليس بالدعوة لخيار ثالث.
¶ يتقاسم فكرة الهلباوي –أيضا- عدد من مناضلي وقيادات حركة مجتمع السلم، الذين هم غير راضين عن أدائكم ويرفضون الالتحاق بالمنشقين وينادون إلى طريق ثالث، ألا تعتبرون أن ذلك أحد الحلول الجدية للخروج من المأزق والحفاظ على وحدة الحركة؟
- قلت لكم إن الحل الثالث عملية هروب إلى الأمام وتأجيل انفجار أقوى، أما الحل العملي فهو العودة إلى المؤسسات والاحتكام للشورى الملزمة والنزول للعمل الميداني، أما التنظير من عن بعد والحديث عن خط ثالث واقتراح قيادة تأسيس بديلة.. فكلها أطروحات تصنف في مربع الخداع.
¶ من جهته، كان المرشد العام للإخوان المسلمين، مهدي عاكف، قرر تجميد عضوية إخوان الجزائر، إلى حين إيجاد مخرج سليم للوضع الذي تعيشه «حمس»، فكيف كان استقبالكم لهذا القرار؟
- كان قرارا حكيما لأن المنشقين كانوا يتحدثون كثيرا باسمه شخصيا وباسم الإخوان وينسبون لعلمائهم وقياداتهم العالمية وعودا كثيرة يقولون: إنهم وعدوهم بمثل مباركة انشقاقهم، ووعدهم بإعطائهم الشرعية، وإعطائهم الإذن بتأسيس حزب سياسي بديل، وتزكية عملهم، والاتصال بهم واستشارتهم وتوجيههم في كل صغيرة وكبيرة، حتى صار بعض الإخوة يعتقدون أن المنشقين لهم مكتب خارج الوطن، وأنهم لا يتحركون إلاّ بأمر من الخارج.. إلخ، ولما كثر الكلام ووصل إلى حد الكذب على علماء الإخوان كان لابد من كبح هذه التجاوزات التي فتنت بعض الإخوان في الجزائر، ومن أجل كشف هذه المزاعم أعلن فضيلة المرشد عن تجميد صلة الإخوان بالجزائر.. وحسنا فعل، وهو مشكور لأن فضيلته برأ ذمته أمام الله تعالى وقطع الطريق أمام المتاجرين بعواطف الإخوان والمتحدثين باسمهم تاركا العلاج للزمن «والزمن جزء من العلاج» وبالفعل بعد هذا القرار الحكيم سكت الناس وبدأ السباق في ميدان العمل عن طريق المؤسسات، ولأن المنشقين يعملون خارج المؤسسات ويتدثرون برداء الإخوان، فقد وجدوا أنفسهم بلا غطاء بعد أن نزع فضيلة المرشد عن الجميع الغطاء الذي كان يزايد به البعض. كما أنني شخصيا أشكره من صميم قلبي، وأتمنى أن تظل الصلة مقطوعة حتى تظهر الحقائق وتتجسد فينا وفيهم معاني الربانية ويتطهر الصف وتظهر الأخلاق الإسلامية في سلوكات أبناء الحركة، ويدرك الجميع أن الانتماء للإخوان ليس كلاما يقال: بل هو فكرة ورسالة ومنهج وسلوك.
¶ لقد طلبت من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إعفاءك من منصب وزير دولة دون حقيبة، وكان لك ذلك، لكن ألا تعتقد أن خروجك من الحكومة جاء متأخرا، على اعتبار أنه جاء بعد إعلان المنشقين عن تأسيس حركة الدعوة والتغيير، وهم الذين جعلوه أحد الأسباب لخروجهم عليكم؟
- لو خرجت قبل هذا لقالوا إنه يغامر بعلاقة الحركة مع التحالف ويستدعي ضدها السيد رئيس الجمهورية، ولو بقيت لقالوا «باع» الحركة من أجل وزارة، فالتوقيت ليس ذريعة لأحد لأنه قرار مؤسسات، لقد دخلت الحكومة بقرار من المؤسسات وخرجت منها بقرار، ولذلك لا تقل لي جاء القرار متأخرا أو متقدما طالما أن مجلس الشورى الوطني هو الذي يملك حق تحديد طبيعة القرار والتوقيت له، وأضيف بأننا حركة واعية تدرك أن خروج وزير دولة من الوزارة قبل نهاية العهدة تترتب عنه مفاسد كثيرة فانتظرنا انتخابات الرئاسة ليوم 9 أبريل 2009 والتمسنا من فخامة الرئيس عدم التجديد لنا في تشكيلة الحكومة، هذه الرغبة الجديدة بهدف التفرغ لإعادة بناء الحركة، وقد تفهم مشكورا التماسنا، وأمر بأن يسجل في بيان تشكيل الحكومة أن أبوجرة سلطاني قد غادر الحكومة بناء على طلب منه، وهذه شهادة أعتز بها شخصيا، وكل أبناء الحركة وبناتها يوجهون الشكر للسيد رئيس الجمهورية على هذا الوسام الغالي الذي دخلنا به الوزارة كبارا وخرجنا منها كبارا بشهادة كل من تحدثوا إلينا في مناسبات كثيرة.
¶ وهل خروجكم من وزارة الدولة أعطاكم فرصة إضافية لخدمة الحركة والتفرغ للقضايا الداخلية؟
- نعم، لقد زرت أكثر من 20 ولاية (محافظة) وقضيت سهرات ليلية مع المناضلين، وعدنا إلى زمن المأثورات، وكلهم استبشروا خيرا وأدركوا أن حركة مجتمع السلم مكسب كبير للإسلام والجزائر والقضية الفلسطينية.
¶ أعلن نائبكم السابق وأحد الوجوه البارزة في حركة الدعوة والتغيير، عبدالمجيد مناصرة، أن قيادة هذه الحركة الجديدة، تستعد لتقديم طلب اعتماد للنشاط رسميا لدى وزارة الداخلية في غصون أسبوع، فهل تسعون لقطع الطريق عليهم أم تتركونهم يفرغون حركة «حمس» من وعائها، خصوصا أنهم يعلنون يوميا عن التحاق العشرات من مناضليكم بهم وفتح مكاتب جديدة على مستوى الولايات؟
- لسنا قطاع طرق حتى نقطع الطريق على زيد أو عمرو، فأبواب وزارة الداخلية مفتوحة، ونحن لا يهمنا أن تعتمد الوزارة الوصية حزبا جديدًا، هذه ليست من صلاحياتنا ولسنا خائفين من العدد الضئيل الذي خرج من الحركة والتحق بالمنشقين، خاصة أن بعضهم أدرك نوايا هذا الفصيل لما أعلنوا عن تأسيس الحزب المذكور، فشطب البعض منهم اسمه للأفراد من تشكيلة هذا الحزب، وعاد إلى صفوف الحركة، ولم يبق أمام المنشقين إلاّ اللعب على عواطف الشباب بجملة من الوعود التي يسوقونها لهم باسم جماعة الإخوان المسلمين، يحبسون بها أنفسهم بانتظار ما يسمونه التزكية، وهم يدركون أن جماعة الإخوان مؤسسة تربوية ودعوية لا تتعامل مع المنشقين ولا تشجع توالد الأحزاب.. وإنما تتوجه بالنصح الأخوي للمؤسسات وتحرص على الربانية ووحدة الصف، ولا يهمها الذين يسارعون بالخروج من حزب للتأسيس لحزب جديد، كونها جماعة تهتم بالتربية والدعوة ونشر رسالة الإسلام، والنصح لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، كما أرشد إلى ذلك الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فكيف انقلبت الأمور من الدعوة إلى السياسة ومن التربية إلى لحزبية، والحزبية هي مجرد وسيلة لخدمة الدين والوطن والناس..، فلا نعتقد أن تضيع غاياتنا الكبرى وأهدافنا النبيلة من أجل الحفاظ على وسيلة تسمى حزب..؟!
إن حركة مجتمع السلم جماعة قبل أن تكون حزبا ومنهج قبل أن تصبح مجرد وسيلة سياسية لمواعيد انتخابية.
¶ صرحتم في أكثر من مرة، أن المنشقين عنكم، لا يتعدى حجمهم %3 من وعاء «حمس»، وبالمقابل يقول قياديو حركة الدعوة والتغيير، إن عدد الملتحقين بهم يتضاعف مع مر الأيام، وأصبحوا يعدون بعشرات الآلاف، فهل تملكون أدلة لتأكيد أقوالكم ودحض ادعاءات خصومكم؟
- الإحصائيات التي قدمناها صحيحة ودقيقة، لأننا اعتمدنا في تدقيقها على البطاقية الوطنية لمجموع من هو منتسب للحركة ومقيد في سجلاتها، وهم فعلا -وفقا لآخر إحصائيات البطاقية الوطنية- كانوا قبل شهر %3، وبعد أن كشفوا عن نيتهم في تأسيس حزب سياسي تناقص عددهم، نعم.. الجزائريون لا يحبون الانشقاقات، وكذلك واليوم عددهم تناقص، لأن الشباب بدؤوا يكشفون زيف ما كانوا يسوقون له من أوهام، وكذلك ظهر، من داخل الصف دعاة الوحدة الذين ساهموا مشكورين ومأجورين إن شاء الله في توضيح الحقائق، من يدعو الشباب للالتحاق بالحركة والعمل من داخل المؤسسات، وقد سطر المكتب التنفيذي الوطني برنامجا واسعا للنزول الميداني وقام قياديون مركزون من الصف الأول بحملة شرح وتوعية غطت حتى الآن أزيد من 44 ولاية من أصل 48(محافظة) والحصيلة أن قواعدنا النضالية أدركت الحقائق، وطووا صفحة القيل والقال ونزلوا إلى الميدان للمنافسة بالعمل.
أما قصة خروج المناضلين من صفوف الحركة بالعشرات والمئات والآلاف والتحاقهم بالمنشقين، فأقول لهم «مبروك عليكم» وأضرب لكم موعدًا بعد حين، فسوف تأتيكم أخبارهم بعد دورة مجلس الشورى المقررة بداية شهر يوليو القادم. فهل هناك من تهم أخرى بحاجة إلى توضيح للرأي العام؟
¶ ما يؤخذ عليكم من طرف معارضيكم، منذ وصولكم إلى رئاسة حركة مجتمع السلم، صائفة 2003، أي بعد أسابيع قليلة من وفاة نحناح، هو سعيكم لوضع الأشخاص الموالين لكم في المناصب المهمة سواء داخل مؤسسات الحركة، أو خارجها ضمن عدد من مؤسسات المجتمع المدني المؤثرة، على غرار الكشافة الإسلامية، وحركة الإرشاد والإصلاح، فما ردكم على ذلك؟
- بكل أسف، هذه إشاعات لا تصمد كثيرا أمام حقائق الميدان، ذلك أن كل المواقع التنظيمية في الحركة وفي كل مؤسساتها تتم بالانتخاب داخل أطر تنظيمية خاضعة للوائح، وأنا لا أضع هذه اللوائح، وليس لي صلاحيات تعيين زيد في هذا الموقع وعمرو في ذاك المكان، فقد تم وضع اللوائح وضبطها في زمن الشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله) وكان حرصي شديدا على الوفاء لخط المؤسس رحمه الله، فكنت أكتفي بالسهر على احترام هذه اللوائح عند التنفيذ، وكل من وصل إلى أي موقع تنظيمي فقد تم وفق لهذه الشروط الصارمة.
بما في ذلك المناصب القيادية العليا والوزراء.. إلخ.
أما المواقع الحكومية والبرلمانية والإدارية وغيرها.. فهناك لجنة قيادية تتشكل في 5 أفراد (الرئيس ونائباه ورئيس مجلس الشورى ونائبه) تعمل وفق اللائحة العامة، وهي لجنة حيادية، وبالتالي فأنا عضو من خمسة تعمل حسب قوانين الحركة ولوائحها وتتداول في المواقع الحساسة، ويتم التداول شوريا وديمقراطيا داخل هذه اللجنة مند عام 2003 فما تم حوله التوافق يمضي بالتوافق وما لا تتم تزكيته بالتوافق يتم بالاقتراع، وفي هذه الحالة فقط يكون رأي الرئيس مرجحا، فأين الاستئثار بالقرار حتى أضع من يوالوني في هذه المواقع وأمنع من هم ضدي؟.. هذه ذريعة يدرك مروجوها أنها محض افتراء.
¶ يتهمكم البعض إلى جانب حزبي «جبهة التحرير» و «التجمع الوطني الديمقراطي» بـ «إغلاق اللعبة» والاستئثار بالحكم والساحة السياسية ولم تتركوا أي هامش للمعارضة، ألا تعتقد أن الذي حصل ببيتكم الداخلي في «حمس» من شأنه أن يضعف التحالف الرئاسي لصالح المعارضين؟
- التحالف تم بين مؤسسات وليس بين أفراد، ولذلك لا يتأثر بالوعكات التنظيمية التي تصيب هذه الحركة أو تلك، وأقول لكم صراحة، لقد ازداد التحالف قوة وانضمت إليه قوى نقابية وطلابية ومجتمعية جديدة قبل رئاسيات 2009، والتحالف يتعامل، كما قلت لكم، مع المؤسسات وليس مع الأفراد ويعمل مع الثابتين على المبادئ والأهداف والمتفق عليه في ميثاق التحالف الموقع يوم 16 فبراير 2004، لذلك فالتحالف ما زال قويا والحركة طرف فاعل فيه، وما حصل من وعكة تنظيمية داخل الحركة لا تأثير لها في سير التحالف. وما يشاع عن تأثر التحالف بما تمر به الحركة هو مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي من طرف الذين لا يحبون أن تستقر الجزائر إلاّ إذا كانوا هم في دواليب الحكم.
¶ سؤال أخير، علمنا أن المنشقين عنكم في حركة الدعوة والتغيير يحضرون لتنظيم ملتقى دولي منتصف شهر يونيو الحالي، بمناسبة الذكرى السادسة لوفاة الشيخ محفوظ نحناح، كما أنكم تعملون في نفس الاتجاه، ألا تعد برأيكم هذه فرصة سانحة لتنظيم جهود بعضكم، من خلال الدعوة إلى ملتقى دولي موحد؟
- الحركة رسمت ملتقى دوليا للشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله) في الشهر السادس من كل عام في ذكرى وفاته يوم 19 يونيو 2003، وهي تنظم هذا العام الطبعة السادسة للملتقى تحت شعار «المواطنة والحقوق السياسية للمرأة». وإذا بادر غيرنا بتنظيم ملتقى فإن فكر الشيخ المؤسس يستوعب كل ذلك، وقد تمنيت شخصيا أن تكون ذاكراه يوما وطنيا للدعوة كما هو الحال مع العلامة ابن باديس الذي تحتفل الجزائر بيوم 16 أبريل بذكرى يوم العلم.