رمز الاستقرار والثبات

الثلاثاء 08 أبريل 2008

| كتب الشيخ عبد الرحمن سعيدي
سأل سائل من ثلة القوم لماذا لم تنكسر حركة مجتمع أو تنقسم إلى جماعات وأطراف ؟وتنقرض بعد ذلك وراهن الكثير من المتحاملين والمتربصين على تشرذم حركة مجتمع السلم خاصة بعد رحيل مؤسسها ورمزها الشيخ الرئيس محفوظ نحناح رحمه الله تعالى ولكن لم يحدث ما راهن عليه المغامرون والمقامرون بل خابت أحلامهم وأوهامهم..

وللإجابة عن هذا السؤال المهم يجب أن نعرف بعض الأبجديات في حركة مجتمع السلم :


أولا : حركة مجتمع السلم حزب سياسي ينشط وفق القوانين والنظم المسيرة للشأن السياسي ويلتزم دستور الوطن ولا تعمل خارج الشرعية الدستورية وثوابت الأمـــة لكنها ليست كسائر الأحــزاب من حيث العلاقات البشرية ونسيج الفكري والحالة النفسية الدافعة للعمل والحركية فهي جماعة بالعلاقة الروحية والأخوية ومنتدى فكري بالعملية العقلية ورابطة إيمانية بالعملية التربوية والتأهيلية ومنارة اجتماعية بالعملية الخيرية ومحضن وطني وقومي بالمواقف المصيرية .

ثانــياً : حركة مجتمع السلم تعتمد العواصم في مرجعيتها وخلفيتها السياسية فهي تعتمد الإسلام في مواقفها ورؤيتها ودعوتها وتعتمد الوحدة الوطنية كمعلم في مسيرتها وقراراتها ومن أعتمد الوحدة أستقر عليها ولا يحيد عنها وتعتمد تراث وأثار الصالحين والمصلحين وتـــتـأسى بهم في حركيتها الإصلاحية فلا تستقر إلا على الإصلاح والوحدة.

ثالثا : حركة مجتمع نشأت من رحم المعاناة وفي وسط التحديات والصعاب ومن العمق الشعبي و هـي تعرف معنى الحرمان والاستبداد وقمع الحريات وترك الميدان للخذلان ومن عاش هده المراحل لايستهين ولا يتهاون في مراحل الحريات والوسع والعمل المفتوح في المباح فلا تنقض جهود أيـام العسر وما أعظمها بفسحة أيام اليسر وما أبركها

ومن هده الأبجديات قد تبدو لك لماذا لاتـنكسر حركة مجتمع السلم؟ فهي لاتـنكسر ولا تنقسم مهما كان حجم الاختلاف والخلاف بين قياداتها وأفرادها وذلك يرجع لجملة من العوامل وهي كالأتي:

1. حركة مجتمع السلم ترتكز على منظومة الفهم من أصولها أن المرجعية الفكرية والسياسية واضحة وهي كافية لضبط التصور والمفاهيم وحسم الخلاف ومن يتجاوز حدود المرجعية يعرف أنه تجاوز حدود الحركة ويعتبر نفسه من خلالها أنه لايمثل الحركة ومظهرها

2. لقد وضعت الحركة عبر كل المراحل خاصة عند المؤتمرات منظومة قانونية وتنظيمية وأرست من خلالها مؤسسات متعددة ومتنوعة في هيكلها التنظيمي تحسم فيه خلافاتها بوضعية شوربة وديمقراطية ولا يجوز لأي شخص تجاوز دلك مهما كان وضعه في الحركة

3. إن ثقافة وحدة الصف أمر هام يكتسي طابع الممنوعات والمنطقة المحرمة والإخوان في حركة مجتمع السلم يتجاوزون خلافاتهم و تباينهم أمام وحدة الصف وما يهدده ولقد أثبتت كثير من الحالات قيمة ذلك في نفوس الإخوان وهذا ما جعل المرشد مصطفى مشهور يقول في رسالة القائد القدوة { اجتماع الجماعة على رأي غير صائب أفضل وأحب من فرقة الجماعة على رأي صائب }

4. يدرك كل القيادات وأفراد حركة مجتمع السلم أن مصيرهم في الحركة وبالحركة فمن يتجاوز حدود الحركة يعيش نكرة ومنزويا في زاوية مظلمة فالحركة من خرج منها كبيرا يتنهي به المطاف صغيراً ومجهولا وهناك شواهد كثيرة في مسيرتنا ومن دخل الحركة صغيراً صار بها كبيراً فجعلت منه القائد السياسي والمربي الفاضل والوجيه المحترم والوزير والبرلماني والإطار والناشط في المجتمع المدني وغير ذلك

5. لقد عمدت قيادات الحركة أن تجعل من مواقفها وقراراتها عنواناً ومساراً للاستقرار الصرح الوطني والتماسك الاجتماعي وعملت مع الشركاء في الساحة السياسية على استقرار واستمرار مؤسسات الدولة وكان الشيخ يعتمد المفاهيم الآتية المنتجة لاستقرار الدولة منها المعارضة الإيجابية نعارض النظام ولا نعارض الدولة لأنها دولة جميع الجزائريين والجزائر حررها جميع أبناء الجزائر ويبنيها جميع أبناء الجزائر والجزائر فوق الرئيس والرؤوس فالذي يشع الاستقرار وينثره بين الناس من باب أولى أن يستقر فالانقسام والتشرذم في الحركة يضعف دورها في استقرار الوطن والشعب فمن كان أصله فاسد لا يثمر إلا الفساد ومن كان أصله صالح فلا يثمر إلا دلك كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي ثمرها كل حين

6. إن حركة مجتمع السلم غذيت بدماء الشهداء من رجالها في مقدمتهم الشهيد الذبيح محمد بوسليماني رحمهم الله تعالى وبعرق العاملين المجتهدين في صمت وثبات فهي محروسة بالدم والعرق ودعاء المخلصين فمن الوفاء والأمانة والمروءة ترك الأمانة كما ورثها الخلف عن السلف فعند كل موقف أو مسعى أو خيار أن يضع الجميع نفسه أمام صور الشهداء والرجال الدين توفوا عنا ماالدي يجب أن نقوله عند تضييع الأمانة وشق الصف وتهديد أركان الدعوة فيها

لهذه العوامل أحسب وعلم ذلك عند الله أن حركة مجتمع السلم لاتنقسم ولاتنكسر ومن يراهن على ذلك أبناء الحركة في المؤتمر الرابع يسفهون أحلامهم ويبطلون دعواهم بحمد الله تعالى ورحمته.

أخذت وتيرة الأحداث تتسارع داخل حركة مجتمع السلم "حمس"، الإطار الذي ظل لعقود يمثل جناح "الإخوان المسلمين" في الجزائر. فبعد تراشق إعلامي واتهامات لا حد لها بين قادتها، تفجرت الأوضاع سريعا لتسفر عن تأسيس مجموعة من قيادات حمس السابقين كيانا تنظيميا جديدا حمل اسم "حركة الدعوة والتغيير"، ولا تزال الفجوة تزداد اتسعا بين الشركاء المتشاكسين على إرث الحركة، بعد أن عاشت منذ تأسيسها على يد الراحل محفوظ نحناح حالة "فريدة" من الاستقرار لم يعهدها التيار الإسلامي في الجزائر من قبل.