الحركة الإسلامية هي العمل الشعبي المنظم الهادف إلى إيقاظ المسلمين من غفلتهم وحثهم على الالتزام بالإسلام كله في حياتهم...لأن مشكلة المسلمين اليوم هي التطبيق الجزئي للإسلام، ولا نكاد نجد رقعة في الأرض اليوم تطبق الإسلام كله، كما أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم...
الحركة الإسلامية هي العمل الشعبي المنظم الهادف إلى إيقاظ المسلمين من غفلتهم وحثهم على الالتزام بالإسلام كله في حياتهم...لأن مشكلة المسلمين اليوم هي التطبيق الجزئي للإسلام، ولا نكاد نجد رقعة في الأرض اليوم تطبق الإسلام كله، كما أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم...
ويمكن توافق هذا التعريف مع تعريف الدعوة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية كذلك. فالهدف هو حث المسلمين على تطبيق الإسلام في حياة المسلمين.
وللحركة الإسلامية ثلاث وسائل أو طرق للوصول إلى هدفها، وهي التربية، والإعلام، والعمل السياسي...
وهكذا يتضح منذ البداية أن السياسة جزء من الدعوة أو جزء من الحركة الإسلامية، أو قل وسيلة من وسائل الدعوة أو الحركة الإسلامية... ومن الضروري أن يبقى التوازن بين الحركة الإسلامية والعمل السياسي، بحيث لا تطغى السياسة على التربية، والإعلام، وبتعبير آخر لا يطغى الجزء على الكل، والتوازن ضروري لتبقى السياسة وسيلة من وسائل الحركة الإسلامية، وليست هدفاً في ذاتها...
وقد رتبت وسائل الحركة فكانت التربية الوسيلة الأولى، وذلك من حيث الأهمية، لأن الإسلام نظام إصلاحي يجعل من التربية وسيلة أساسية لغرس القيم الإسلامية في نفوس الناشئة المسلمة، ومن ثم إصلاح الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، واستمرار قيم الإسلام واستكمالها وتجديدها على الدوام...
وتبقى الحركة الإسلامية متزنـة عندما تعطي التربية الدور الأول، والإعلام الدور الثاني، والعمل السياسي الدور الأخير... وأي تغيير في هذا الترتيب مهما كانت الأسباب معناه اضطراب الحركة الإسلامية وعدم توازنها.
وثمة نظرة على مسيرة الحركة الإسلامية في الجزائر، تجعل المسلم يحمد الله ويشكره على الشوط البعيد الذي قطعته هذه الحركة، فقد بدأت مسيرتها مع بداية السبعينات الميلادية من القرن العشرين، وسبقت مسيرة بعض الحركات الإسلامية في المشرق العربي، والفضل لله أولاً الذي جعل الشعب الجزائري يحب الإسلام حباً جماً، ثم للشيخ عبد الحميد بن باديس وإخوانه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين دفعوا الشعب الجزائري للثورة ضد المستعمر الفرنسي، وطرده مع أنصاره الأوربيين من الجزائر، والمحافظة على هوية الجزائر ولغتها العربية وإسلامها، ثم الفضل كذلك للشيخ محفوظ النحناح وأخيه محمد بوسليماني يرحمهما الله ؛ اللذين أسسا دعائم الحركة الإسلامية المعاصرة في الجزائر، ولا ينس دور الشيخ عبد الله جاب الله في هذا الميدان...
ومنذ التسعينات الميلادية دخلت الحركة الإسلامية الجزائرية العمل السياسي، ولا أحد ينكر عليها ذلك، فالعمل السياسي يعتبر الوسيلة الثالثة من وسائل الحركة الإسلامية، الهادفة إلى تطبيق الإسلام كله في حياة المسلمين....
ومن خلال المتابعة والاهتمام أسجل الملاحظات التالية على مسيرة الحركة الإسلامية الجزائرية، بعد دخولها معترك العمل السياسي:
1- شاركت الحركة الإسلامية الجزائرية في حكم الجزائر، تحت قيادة الأخ المؤسس الشيخ محفوظ النحناح يرحمه الله، الذي كان ممسكاً بتوازن الحركة، وعدم تغليب الجانب السياسي على الجانب التربوي والدعوي، ونفذت توصية قدمتها الحركة الإسلامية العالمية تنصح فيها الحركات الإقليمية بالمشاركة في الحكم، لما للمشاركة من أهمية في تدريب كوادر الحركة، والاستفادة من إمكانات الدولة في نشر الدعوة والحركة الإسلامية... وخدمة المواطنين وتأمين حاجاتهم، وهذه من أعظم سبل الدعوة الإسلامية، كما اتضح ذلك من مسيرة حزب العدالة والتنمية التركي، وتمت المشاركة كذلك في عدة أقطار عربية كاليمن والكويت والأردن... ووقف أبناء الحركة وأنصارها ( الذين لا يعرفون توصية الحركة العالمية ) بين مؤيد ومعارض، وتركزت المعارضة في أن الحكومة تسخر كوادر الحركة لمصلحتها... ولا قيمة لهذه الاعتراضات عندي.... لأنها سطحية ولا تدخل عمق الفكر السياسي الإسلامي المعاصر...
2- تسابق كبار الأخوة في الحركة الإسلامية إلى مجلس الشعب ومجلس الأمة والمكاتب البلدية والولائية، وأكاد أقول أنها استغرقت أو كادت أن تستغرق نشاطاتهم، مما انعكس سلباً على النشاط الدعوي والتربوي.
3- كان المفترض أن تستفيد الحركة من الأخوة الذين شاركوا في مجلس الشعب أو الأمة أو المكاتب البلدية والولائية، ثم أحيلوا إلى التقاعد، كان المفروض أن يكون هؤلاء الأخوة المتقاعدون خير دعاة ومربين، يقدمون دروساً في المساجد، ويسهرون على تربية الجيل الصاعد، يساعدهم في ذلك تفرغهم وخبرتهم في العمل الدعوي ومنه العمل التربوي. والمفترض أن تزداد الحركة قوة واهتماماً ونشاطاً في التربية والإعلام كلما تقاعد أخ من هذه المجالس أو المكاتب.
4- هناك ظن ـ وبعض الظن إثم ـ أن خصم الحركة الإسلامية احتوى كوادرها في مجلس الشعب والأمة وغيرهما من الإدارات، وفرغ محتوى الحركة من نشاطها الأصلي في الدعوة والتربية....
ومن هذا المنطلق جاء في الرؤية الجديدة لحركة الدعوة والتغيير أنها:
((... تملك مشروعاً تغييرياً لتربية المواطن الصالح وبناء الأسرة المتماسكة وإصلاح المجتمع الموحد وقيادة الدولة القوية وخدمة الأمة الكبيرة)).
وجاء في هذه الرؤية أيضاً:
((... فنحن حركة تعمل وفق منهج تربوي هو مصنعها لتخريج الرجال والكفاءات وجسرها إلى التغيير والإصلاح، ونرى اليوم بعد هذه التجربة أنها في حاجة إلى اهتمام ورعاية واستدراك من خلال:
• معالجة تربوية للأخطاء والعيوب والأمراض التي ظهرت في الصف خلال المرحلة السابقة.
• الاهتمام بالمربين وتحسين مستوياتهم وتأهيل أدائهم وحل مشاكلهم.
• زيادة عدد المربين عبر دورات مكثفة وعمليات ترقية لأصحاب الكفاءات الجديدة.
• رفع مستوى التعاطي مع البرامج التربوية والتدريبية بمختلف الوسائل العلمية المساعدة.
• إعطاء قيمة تنظيمية وتربوية أكبر للأسرة في هيكل الحركة التنظيمي، وتنمية شعور الفرد بالانتماء للحركة ومنهجها من خلال الأسرة.
• إخضاع عمل مناضلي الحركة للعملية التربوية عبر الأسرة مهما كانت الظروف.
• ربط أبناء الحركة برجالها السابقين في مجال الدعوة والتنظيم من خلال مختلف المناهج التربوية والحركية والسياسية.
• تعميق البعد الوطني في برامج التربية من خلال رجالات الإصلاح وقادة الثورة ودعاة الإسلام وترسيخ روابط الانتماء للوطن والأمة.
• إعادة صياغة مفهوم التغيير وإسقاطه على برامج تربوية يتربى الأفراد عليها )).
ويفهم من هذا كله أن حركة الدعوة والتغيير سوف تعطي التربية أولوية كما هي أصلاً في وسائل الحركة الإسلامية، وسوف تعالج الخلل الذي أصاب الحركة عندما تغلب السياسي على التربوي. ونسأل الله أن يعينهم على ترجمة الأقوال إلى أفعال، وأن ينفع المسلمين في الجزائر وخارجها بأعمالهم....
ولابد من التعميم على سائر الحركات الإسلامية التي مارست العمل السياسي، والهمس في أذنها، أو الصراخ في وجهها، بأنها غلبت السياسي على التربوي، وأنها فقدت توازنها كحركة إسلامية... وأن الخطر يتهددها في تحولها من حركة إسلامية إلى حزب سياسي صرف.... في حين الحزب السياسي جزء من الحركة ليس إلا... أما أن تتحول الحركة كلها إلى حزب سياسي فهذا الخطر الذي يهدد الحركة الإسلامية بالانقراض...
وفي الختام اللهم اجعلنا وإخواننا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.