حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: أدب المسافر ..... الجمعة أغسطس 28, 2009 3:33 pm | |
| الأصل في السفر الإباحة ، وينقسم السفر في الإسلام إلى ثلاثة أقسام:
1- سفر طاعة : ويتضمن الواجب ؛ كسفر الحج وتحصيل الرزق عند انعدامه ونحو ذلك، ومنه ما هو مستحب كزيارة البقاع المقدسة، ومنه زيارة ذوي القربى وصلة الرحم والحب في الله، والسفر لطلب العلم وزيارة أهله، وإغاثة الفقراء والمنكوبين.
2- سفر مباح : ويتضمن السفر للتطبب, والاتجار والتسبب، وكذلك ما كان للسياحة والنزهة وترويح النفوس وتجرد عن نية الثواب والطاعة .
3- سفر معصية : كالسفر لبلاد الكفر بلا ضرورة شرعية، أو السفر للزنا والفجور، وشرب الخمور.... فهذا سفر محرم لا يجوز إنشاؤه أصلاً.
أخي الحبيب ، لقد أحاطت شريعتنا الغراء المسافر بجملة من الأحكام والآداب إذا كان في سفر طاعة أو مباح، وذلك ابتداء من العزم على السفر إلى غاية الإياب منه. ومن آداب السفر التي ينبغي لنا الحرص على التأدب بها :
أولاً: الإخلاص لله، وحسن المقصد وشرف الغاية ونبل الهدف. والأمور بمقاصدها، ولكل امرئ ما نوى، والنية إذا حسنت تحيل العادات إلى عبادات.
ثانياً : الاستخارة والاستشارة ، فعن جابر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ، كالسورة من القرآن : ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين ، ثم يقول : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به ، ويسمي حاجته )) رواه البخاري
ثالثاً : التوبة إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي ، وهي مطلوبة من العبد المسلم دائماً وأبداً . وكذلك رد الحقوق إلى أهلها.
رابعاً: إذن الوالدين ورضاهما، عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: ((أحي والداك؟ قال: نعم! قال: ((ففيهما فجاهد)) رواه البخاري ومسلم . قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويحرم السفر بغير إذنهما، لأن الجهاد إذا منع مع فضله فالسفر المباح أولى".
خامساً: توديع الأهل والإخوان ، والتماس الوصية والدعاء من أهل الصلاح والفضل، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفراً فزودني، قال: ((زودك الله التقوى))، قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك)) قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ((ويسر لك الخير حيثما كنت)) . رواه الترمذي ، وقال الألباني في صحيح الترمذي "حسن صحيح"
سادساً : استحباب أن يكون السفر يوم الخميس ، وأن يكون وقت البكور . فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: " لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج ، إذا خرج في سفر ، إلا يوم الخميس . " رواه البخاري وأبو داود. وعن صخر الغامدي وابن عمر وجمع من الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((اللهم بارك لأمتي في بكورها . وكان إذا بعث سرية أو جيشا ، بعثهم أول النهار . وكان صخر رجلا تاجرا . وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار ، فأثرى وكثر ماله)) رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود وصححه الألباني
سابعاً: توخي المرافق الصالح ، الذي يذكرك بالله إذا نسيت ، ويعينك إذا ذكرت ، ويرفق بك في سيرك ، وما سمي السفر سفراً إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ومعادنهم وطباعهم. وألا يسافر المرء وحده. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ، ما سار راكب بليل وحده )) وفي الحديث أيضاً (( الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب )). رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
ثامناً: إذا كانوا ثلاثة وأكثر فليؤمروا أحدهم . فعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم )) رواه أبو داود وصححه الألباني
تاسعاً الحرص على أدعية السفر فهي حصن حصين وكافية واقية من كل سوء بإذن الله. والمسافر مستجاب الدعوة . والمداومة على الذكر في جميع الأوقات والأحوال ، وقراءة الأذكار المخصوصة عند الصباح والمساء ونزول المنزل ودخول المدينة أو القرية ، والتكبير إذا صعد مكانا عاليا والتسبيح إذا هبط واديا .
عاشراً : فقه أحكام السفر وآدابه تعلماً ومساءلة لأهل العلم, كرخصة المسح على الخفين وقصر الصلاة وجمعها ومدة ذلك وكيفيته وبذل الجهد في معرفة اتجاه القبلة والمحافظة على الصلاة في أوقاتها وغير ذلك.
حادي عشر: صلاة التطوع في السفر تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم . عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به ، يومئ إيماء، صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته " رواه البخاري ومسلم.
ثاني عشر: البعد عن مواطن الفتن، ومظان الشبهات والشهوات.
ثالث عشر: التباعد عن الطريق إذا نزل للنوم والراحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنَة فبادروا بها نقيها، وإذا عرستم [المعرس: الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: التعريس النزول في آخر الليل] فاجتنبوا الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل )) رواه مسلم . قال النووي في شرح مسلم: " وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه صلى الله عليه وسلم ، لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، وتجد فيها من رمة ونحوها، فإذا عرس الإنسان في الطريق ربما مر منها ما يؤذيه، فينبغي أن يتباعد عن الطريق ".
رابع عشر: الحرص على أداء الفرائض ، واتخاذ الأسباب المعينة عليها . عن نافع بن جبير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سفر له: ((من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح قال بلال أنا ... الحديث " رواه النسائي وسنده صحيح. وعن أبي قتادة النصاري رضي الله عنه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر ، فعرس بليل ، اضطجع على يمينه . وإذا عرس قبيل الصبح ، نصب ذراعه ، ووضع رأسه على كفه" رواه مسلم
خامس عشر:: إذا قضيت نهمتك من سفرك فعجل بالرجوع إلى أهلك واسلك طريق العودة غير متوانِ إلى ديارك، يقول عليه الصلاة والسلام: ((السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله)) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة. قال ابن حجر في الفتح : " في الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولاسيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة، ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة " .
سادس عشر: لا تباغت أهلك بالقدوم عليهم دون أن تخبرهم . ففي الحديث عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا )) رواه البخاري ، وعنه رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة . فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل . فقال: (( أمهلوا حتى ندخل ليلا ( أي عشاء ) كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)) رواه البخاري ومسلم ، وعنه أيضاً قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً . يتخونهم أو يلتمس عثراتهم" رواه مسلم . وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يطرق أهله، كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية" رواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم "ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلاً بغتة، فأما من كان سفره قريباً تتوقع امرأته إتيانه ليلاً فلا بأس كما قال في إحدى هذه الروايات: ((إذا أطال الرجل الغيبة)) .
سابع عشر : احرص على أن تبدأ بالمسجد عند عودتك من سفرك ، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا ، في الضحى . فإذا قدم ، بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين . ثم جلس فيه " رواه مسلم
وننصحك أخي المسافر بقراءة آداب المسافر التي ذكرها النووي رحمه الله في كتابه " المجموع" (4/264- 287) فقد ذكر اثنين وستين أدباً ، وأسهب وأفاض في هذا الباب.
وفقك الله سبيل مرضاته .. وحفظك في سفرك وإقامتك | |
|