حمس لرجام عاملي
عدد الرسائل : 1902 العمر : 62 العمل/الترفيه : الأنترنت تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: رسالة عيد الفطر المبارك السبت سبتمبر 19, 2009 4:40 pm | |
| الحمد لله الذي جعل لنا رمضان محطة للتزود، وخصنا بلطائف الرحمة في أوله وواسع المغفرة في أوسطه والعتق من النار في آخره، فسعدنا بصيام أيامه وقيام لياليه، وها نحن اليوم نفرح بفطرنا وزكاة أنفسنا. أخي في الإسلام أختي في هذا الدين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وعيدكم مبارك سعيد، وغفر الله لنا ولكم أجمعين بمزيد من الأجر والثواب، وأن نكون من عتقائه يوم الجائزة الكبرى، يوم ينادي المنادي يا عبادي انصرفوا مغفورا لكم، وبعد:
1. بشريات: لاحظ الناس خلال شهر رمضان لهذا العام عودة كثيفة لشباب الجزائر إلى دينهم فملأوا المساجد وعمروها بالصلاة والتلاوة والذكر، فقال بعضهم إنها من "ثمرات" القنوات الفضائية ، وقال آخرون إنها من بركات شهر الصوم، وقال آخرون بل هي نتيجة طبيعية لنهاية المأساة الوطنية..
ونقول:إنها بشريات خير لعودة مباركة إلى نداء الفطرة، هداية من الله، لا يهمنا مصدرها بمقدار ما يجب أن نهتم بإعداد البرامج الدعوية والتربوية والتثقيفية التي نملأ بها أوقات هؤلاء الذين تقدموا إلى الحق بخطوة ولابد من أن يتقدم لهم الحق بخطوتين:
- خطوة مساعدتهم على اكتشاف ذاتهم عندما يعرفون رسالتهم في هذا الوجود. - وخطوة مرافقتهم لرسم المسار بين بداية عاطفية مترددة إلى نهاية رسالية عازمة.
وهاتان الخطوتان تقعان على كاهل كل واحد ممن رزقه الله علما وفقها وتجربة وحباه بالسبق إلى هذا الطريق، فاحضنوا إخوانكم من شباب الجزائر، ومن شباب العالم الإسلامي، مع بداية شهر شوال واهتموا بهم وبتربيتهم وتأطيرهم فإنهم الثروة الحقيقية لهذه الأمة، واعملوا على نقلهم إلى ما من أجله خُلقوا، ومن أجل نقلهم من حالة القلق التي كانوا عليها إلى حالة الاطمئنان التي يجب أن يبلغوها على أيديكم يحتاج الأمر إلى خمسة إجراءات نعبد بها ربنا كما عبدناه بالصيام والقيام، وهي: - السهر على الأخذ بأيديهم باليسر والتعرف على مشكلاتهم بالصحبة ومرافقتهم إلى الخير بالثقة التي تترجمها أفعالنا قبل أن تتحدث عنها أقوالنا. - ربطهم بالله تعالى بقدوتنا العليا(رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعدم ربطهم بالأشخاص أو إقحامهم في فقه الاختلاف فقد أقبلوا علينا بقلوب سليمة ونية كريمة فلا يليق بنا أن نشوش في أذهانهم هذا الصفاء الرباني. - تثقيفهم بعلوم الدين الصافي ومعارف الدنيا النافعة وتدريبهم على طرق إدارة شؤون حياتهم والتحكم في الفالت من الأمور وكيفيات إيجاد الحلول لمشكلاتهم بمنهج واضح سليم. - العيش معهم في زمانهم لا في "جلابيب" بعض الذين يريدون أن "يفصلوا" الألبسة الفضفاضة على كل جسم يحتك بهم حتى لكأننا ما برحنا ذواتنا منذ آلاف السنين. - وأخيرا، التحدث إليهم عن المستقبل وما يتطلعون إليه من طموحات مشروعة قد تكون اليوم أحلاما ولكنها ستصير غدا حقائق إذا وجدت من يعلم الناس فقه "غُلبت الروم".
2. شوال بداية: نهاية شهر رمضان تشبه نهاية "الدورة التدريبية" التي خرجنا منها بزاد وفير من الإيمان والتقوى والاحتساب، وتدرجنا خلالها من دائرة الإسلام (ظاهر العبادة) إلى دائرة الإيمان (جوهر الركون إلى الله) إلى دائرة الإحسان (مقام المراقبة) ولن نكون جديرين بأن نستفيد الاستفادة اللازمة من هذه الدورة التدريبية الإيمانية إلاّ إذا حافظنا على الرصيد الذي جمعناه في شهر القرآن والذي يتشكل من أربع حصص إيمانية: - رأس المال: الذي هو صافي أسهم الإخلاص والصواب - خدمة المديونية:التي هي النوافل بعد الفرائض والأخلاق بعد الاستقامة. - الأرباح: وهي التخلص من حظوظ النفس والتوبة العازمة على تجديد الحياة - والأسهم الإضافية: وهي العزم على أن تكون السنة المقبلة خيرا من سابقتها وأهم سهم في هذه المجموعة هو تفقد رصيد الأصدقاء لطرح كل من كان يمثل عائقا بينك وبين كمال الإيمان وتمام النعمة، وتذكر أن كثيرا من الناس يعضون يوم القيامة أيديهم ندما على بعض الخلان الذين رافقوهم في مسيرة حياة لم تكن مشرفة:"ويوم يعضُّ الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا".
ولتعزيز هذا الرصيد في حركة الحياة التي أنت مربوط معها بعلاقة الخسران كأساس لقاعدة قرآنية عامة عنوانها:" والعصر إنَّ الإنسان لفي خسر" فأنت في علاقتك بالزمن خاسر مهما تكدست عندك الأموال والمراتب والشارات..ولذلك فأنت محتاج إلى أربعة مؤيدات لتجاوز هذه العلاقة الخاسرة إلى علاقة الربح والفوز إن شاء الله وهي: - الإيمان: بمعناه الأوسع والأشمل - العمل الصالح: الذي يستهدف مرضاة الله تعالى
التواصي بالحق: بإحيائه وبالعمل به وتكثير سواد القائمين عليه. والتواصي بالصبر: على مشقات الطريق وكيد الأبعدين وحسد الأقربين، وتذكر دائما أنك قبلت التجارة مع الله تعالى لما ناداك قائلا:"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم" وطريق ذلك سهل إذا صدقت النية و صحَّ منك العزم فقطعت خطوتين باتجاه الحق وألزمت نفسك بهما من أول شوال إلى أن تلقى اله تعالى. الحرص على أداء الفرائض بشروطها وأدابها وفي أوقاتها..(رأسمال) الاجتهاد في تحصيل السنن على نهج المصطفى صلى الهه عليه وسلم، وتلك هي الأرباح التي يجبر بها الله كسور العبادات يوم الحساب. فابدأ بصيام ستة(06) أيام من شوال تنل صيام الدهر، صيام رمضان بعشر أشهر وصيام ستة من شوال بشهرين، فذلك صيام الدهر، فقد روى مسلم عن رسول الله صلى الله عله وسلم:" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر". وبعدها - إن صدقت مع الله - فسوف يفتح الله عليك أبواب رحمته ويسبغ عليك من آلائه وأفضاله ما يجعلك سابحا في بحر لطفه إذا ضمنت لنفسك قدرة على التحكم في لسانك وفرجك :"من يضمن لي ما بين لحيتيه وما بين فخذيه أضمن له الجنة". الخاتمة: طريق الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة في الاتجاه الصحيح، وأنت – والحمد لله- قد خطوت ثلاثين خطوة خلال شهر رمضان فاحذر أن تعود القهقري بعد أن رفعك الله إلى درجة الملائكة عليهم السلام خلال هذا الشهر الفضيل، وتذكر قصة بلعام بن باعوراء والوارد ذكرها في قوله تعالى:"واتلوا عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون". ولقد قصصنا عليك القصص فهل نراك من المتفكرين؟ عيدك سعيد وعمرك في طاعة الله مديد والله نسأل لنا ولكم الثبات على الحق حتى نلقاه وهو عنا راض.
آمين والحمد لله رب العالمين | |
|